صدى الواقع يكتبها : محمد مصطفى الزاكي

صدى الواقع

محمد مصطفى الزاكي

مدمن مخدرات مراهق.. وبيده سكين!

هكذا أتوقع إن تكون تفاصيل القصة…طفلٌ في سن المراهقة، استدرجته عصابات ترويج المخدرات، الى أوكار الهلاك، فصار من مرتاديها بل مدمناً متهوراً، راهن حياته ثمناً للحصول على حبوب الترامادول القاتلة؛ إشترى نصلاً حاداً( سكين)، وحرص أن يكون داخل جرابه، محبوساً في الخصر بين السروال والقميص، ولا يخرجه إلا لتخويف مروجٍ طمع في إستغلاله، أو لتهديد ضحية أراده نهبه وإبتزازه؛ لأن سعر الحبة المهلوسة اليوم قد تجاوز الألفين من الجنيهاتٍ بينما يتعاطي صاحبنا العاطل أكثر من ثلاث حبات في اليوم!.
لم يتمكن في ذلك اليوم من الحصول علي أي حبة، وقد بحث داخل بيتهم عن شيء يأخذه للسوق ويشتري بثمنه الحبة فلم يجد، حتى أنه قد فكر في بيع السرير الذي ينام عليه، لكنه فجأ استدرك أنه سمع ولد الجيران يتحدث عن شاشة تلفزيون جديدة، قد إشتراه والده قبل أيام، إلا أن (فني التوصيلات) لم يأتي لتثبيتها على الحائط؛ لذلك وضعوها في غرفته داخل صندوقه بجانب دولاب الملابس لحين وصول الفني!.
خرج من بيتهم ودخل بيت الجيران، وقد صادف ذلك موعد تناول أصحاب البيت لوجبة الإفطار، تسلل إلى غرفة الولد، وقد وجد صندوق شاشة السامسونج الى جانب دولاب الملابس كما ذكره الولد بالأمس.
تناول الصندوق وخرج من الغرفة مسرعاً، وكان ينوي أن يتجه به نحو السور ليسقطه في الممر الضيق الذي يفصل بين البيتين، ولكن ما إن استدار نحو السور حتى وجد في وجهه والد ولد الجيران واقفاً في طريقه ورجليه متفرقين، وقد وضع يديه على خصره فسره صاحبنا بالقول ( لقد وقعت في الفخ، وليس أمامك فرصة للهرب).
استدعى كل مدخراته من الأساليب والحيل الجديرة بمخارجته من الموقف، لكنه فشل، فلم يجد إمامه حلاً سوى اللجوء الى سلاحه المختبيء تحت الخصر، فاستله بعد أن وضع صندوق الشاشة على الأرض، وحاول الهرب مهدداً المهاجم، لكن صاحب البيت إنقض عليه بكل قوة محاولاً نزع السكين من يده، إلا أنه سبقه واستدعى حركة من حركات أفلام الآكشن الصينية التي سبق إن شاهدها في التلفزيون، ليغرس السكين بين ضلوع الرجل في الجانب الأيسر من الصدر ويسقطه صريعاً.
هذه القصة من خيالي لكنها الأقرب إلى الواقع، وإن أردت التحقق وأنت تسير على طرقات داخل المدن، راقب المراهقين ستجدهم يحملون السكاكين في خصورهم تحت السراويل، بعضهم يتعاطى المخدرات، التي إنتشرت بصورة مقلقة أكثر من قلق إنتشار السلاح، مما تتطلب مكافحتها جهداً أكبر من المبذول وبرامج ومشروعات أضخم من المخطط له من قبل الدولة والمنظمات الوطنية والدولية، إن أرادوا الجدية في تحقيق السلام والسلم المجتمعي، والإستقرار الأمني، فالمخدرات باتت المساهم الأكبر في إرتكاب الجرائم بدءاً من السرقات وانتهاءً بالقتل.
اللهم هلا بلغت فاشهد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى