من يدفع فاتورة تحالفات مناوي وجبريل ؟
بقلم :زنون سليمان
السيدين ، مناوي وجبريل ، بخيارهم غير الحصيف بصناعة ودعم وتأييد انقلاب 25 أكتوبر ، وبرفضهم الفرص المتكررة لتصحيح موقفهم ( اللا وطني ) وإعادة تموضعهم في العملية السياسية من أجل المشاركة في صياغة وثائق إدارة الفترة الانتقالية والمرحلة التي تليها ، بكل هذا ، هل يعتقدون أنهم ( يحسنون ) صنعًا لمجتمعات الحرب في دارفور ولمستقبل الهامش العريض في السودان ؟
أتفقنا أو اختلفنا حول مسار العملية السياسية , فنحن لا نستطيع تجاهل مجهودات الفاعلين في عملية الانتقال , وأن سواء
العملية السياسية الجارية الان تشكل بدايات لمرحلة جديدة , ووثائقها السياسية ستكون أساس لمستقبل أي عملية مستقبلية وذلك من خلال اطرافها والقوي الراعية لها ، فهل من الذكاء مقاطعاتها ؟ ولصالح من ؟ قوي التوالي والمؤتمر الوطني ؟ قد يعتد قائل بموقف تيار الجزريين والبعثيين ولجان المقاومة المقاطعين لها ، ولكن ، هل مصالحهم تتماثل مع مصالح قوي الكفاح المسلح وهل يمثلون ذات المطالب والقضايا ؟
بلا شك لحركات الكفاح المسلح خصوصية تفرض عليهم التعاطي مع الشأن العام بما يتوافق مع مصالحهم في الاتفاق , وبما لا يجعلهم في حالة مواجهة مباشرة مع أطراف الاتفاق , وهو ما يثير التساؤل حول دواعي مواقف حركتي تحرير السودان بقيادة مناوي والعدل والمساوة بقيادة جبريل الأخيرة إزاء الانقلاب وتكوين تحالفات سياسية داعمة للنظام القديم والابتعاد عن شركائهم العسكريين والمدنيين لصالح منظومة المؤتمر الوطني !
استفزني غياب حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة عن ورشة إصلاح القطاع الامني والعسكري ، التي تعتبر أهم منشط علي الإطلاق لفعاليات الاتفاق الإطاري , وذلك لارتباطها الوثيق بطبيعة الصراع السوداني- السوداني وعلاقته بمشاريع الكفاح المسلح ومستقبل عناصرها , والاهم , تطرقه لدمج قوات الدعم السريع والتي تعتبر غير بعيدة عن الصراع بحكم تكوينها وتاريخها في الصراع المسلح بإقليم دارفور . فمن المزايا الإيجابية للاتفاقيات أنها تجعلك جزء من العملية السياسية ، وتتيح لك مقدرة التغيير والتأثير من الداخل عبر الجماهير والتحالفات والمشاركة في المحافل والأنشطة المختلفة ، وهو ما أتاحته اتفاقية ( جوبا ) للحركات ,غياب الحلو وعبدالواحد عن الورشة مبرر وذلك لعدم توقيعهم علي الاتفاقية ولوجود فرصة لمراجعتها ، ولكن غياب مناوي وجبريل مثير للغضب ومدان , لأنه أضاع فرصة سياسية ثمينة للإقليم والسودان للمساهمة في الحد من جرائم المؤسسة العسكرية , تاركًين الفرصة التاريخية -التي أتت بنضالات ومجهودات باهظة – لعناصر نظام السودان ” القديم ” لإعادة توزيع وتشكيل مصادر القوي السياسية ( العسكرية والأمنية والاقتصادية) بما يهدد خطوات التغيير , والأخطر , يضع عملية السلام المتحقق في دارفور علي المحك . .
في كل الاتفاقات السودانية السابقة ، كان بند الترتيبات الأمنية يمثل جوهر الاتفاق بالنسبة للحركات المسلحة والحكومة ، وذلك لعلمهم بمدي أهميته لمناخات الحرب والسلام ، وورشة الإصلاح الأمني والعسكري المنعقدة الان ، هي بمثابة ترتيبات عسكرية أمنية أكبر وأشمل من برتوكولات الاتفاقيات , تتيح للمشاركين معالجة الاختلالات الرئيسية المسببة للصراعات , لهذا , أري أن الغياب المتعمد عنها ( خطأً ) سياسي للحركتين , أضاعت فيه فرصة كبيرة لاستكمال ما تحقق في اتفاقية جوبا , للأسف , هذا الغياب ستدفع ثمنه عسكريا مثلما دفعته سياسيا , لأنها ستكون مواجهة بمخرجات الورشة الأمنية والعسكرية التي ستتضمن في الاتفاق السياسي المعتمد من الجنرالين “البرهان و حميدتي “والمجتمع الدولي ” الثلاثية والرباعية والترويكا “, والعصية علي التعديل والمراجعة مما يترك أمامهما خيارين لا ثالث لهما , الإذعان وهم صاغرون أو المعارضة بتكلفتها السياسية والعسكرية وهم كارهون , وفي الحالتين , ستدفع الجماهير الثمن .