أخر الأخبار

دُعاش

صراع الديوك بين خميس وكرشوم وأثره على إستقرار الولاية

 

بقلم: علاء الدين بابكر

 

غرب دارفور كعادتها تتصدر المشهد السوداني بأحداث القتل والحروب والدمار وتعيش هذه الأيام على صفيح ساخن؛ شهدت جنوب الولاية وحدة مستري الإدارية مقتل ستة مواطنين أبرياء وجرح ثلاثة آخرين ؛ وهنالك نذر حرب قبلية في شمال الجنينة اعدت لها الأطراف العدة والعتاد وتنتظر ساعة الصفر ؛ وحتى أسبوع السلام الذي أقامته مفوضية السلام وحكومة الولاية انتهى بأحداث شغب هزمت فكرة السلام بالاحتفالات لأن (الحوجة) ليست غناء وكرة قدم بل (الحوجة) تقديم حلول جادة للمشاكل الحقيقية والعادلة.

 

الدماء التي سالت وتلك التي تنتظر الاراقة لا قدر الله؛ لن تجد الإهتمام الكافي من الدولة والمجتمع مثلما وجد الخلاف بين الجنرال خميس عبدالله أبكر والي ولاية غرب دارفور ونائبه الاستاذ التجاني الطاهر كرشوم حول قرار الأخير في العاشر من يناير، توقيف الدكتور عصمت مدير عام وزارة المالية وتكليف أقدم الموظفين ليقوم مقامه.

 

ضجت الاسافير والميديا بهذا القرار الإداري العادي الصادر من مسؤول وفق سلطاته أوقف بموجبه موظف دولة وفق النظم اللوائح الإدارية المعمول بها .

 

اصطفت وسائل التواصل الاجتماعي (مع وضد) واصدرت الجبهة الثورية بيان طويل وعريض نفت فيه الخلاف بين الوالي ونائبه؛ لم تصدر الجبهة الثورية أي بيان في حادثة قتل ستة مواطنين ولم تصدر بيان حول نذر المواجهة المحتملة في شمال الجنينة ولا أحداث العنف التي انتهى عليها أسبوع السلام ولا أحداث القتل المتفرقة هنا وهناك ؛ وكذلك نشطاء ومثقفي الولاية لم يهتموا بهذه الأحداث الموضوعية بقدر اهتمامهم بخلاف خميس وكرشوم.

 

فضحت الجبهة الثورية جسمها من خلال البيان و نفيها للخلاف وابانت أنها تكذب على الملأ ؛ لو استخدموا قليل من العقل لاكتشفوا أنهم (كذابين) بدليل أن عصمت الذي أوقفه نائب الوالي باشر عمله وشارك في إجتماع تنسيقي إقليمي بصفته كمدير عام لوزارة المالية وهذا يعني ببساطة الخلاف قائم؛ لو لم يكن الوالي موافق لن يستمر عصمت في منصبه وأداء مهامه ؛ إذن أين الانسجام والتناغم الذي تحدث عنه بيان الجبهة الثورية؟.

 

لو الجبهة الثورية التحالف الحاكم واجهة الإنقلاب بالولاية تملك قدرا من الحصافة لنصحت الوالي خميس بعدم تكسير قرار نائبه بهذه الصورة المستفزة كان من الممكن تشكيل لجنة تحقيق وإن كانت صورية تنظر في عدم تعاون موظف مع مسؤول حتي لا تفقد السلطة هيبتها لأن كرشوم يمثل ذات السلطة التي يرأسها الوالي وتكسير قراره يعد كسر لهيبة السلطة قبل أن يكون كسر له في شخصه.

 

وهنا نطرح سؤال على قرار الإيقاف وهو لماذا لم يتعاون مدير عام وزاره المالية ؟الإجابة المدير امتنع عن دفع تكاليف زيارة لجنة الأمن لواحدة من المحليات؛ واضح أن الزيارات مكلفة جداً وبلا عائد لأنها لم تأت وفق خطة؛ ما فيها فكرة اصلاً ؛كلام عاطفي ومنمق لا يحل مشكلة ولايمنع حدوثها ولا جدوي منها غير أنها إرهاق لخزينة الولاية؛ مع ذلك ليس من حق عصمت الإمتناع عن دفعها لأنه موظف وعليه أن ينفذ التوجيهات .

 

قرأت تصريح لعصمت أوضح فيه تحركاته في الفترة الماضية ونيته لإحداث تغيرات طفيفة بالوزارة واضح أن التصريح المقصود به ضمنيا الرد على نائب الوالي ؛التصريح رصين ويحمل فكرة متماسكة ؛أوضح فيه أن الصرف بناءً على الميزانية ؛مع وجاهة حديثه لكن العمل المهني ليس منبرا سياسياً ولا ينبغي له أن يرد حتى ولو بطريقة غير مباشرة.

 

بعد القرار الميديا وجهت إتهامات لعصمت وصفته بالفاسد لا أعتقد أن الإمتناع يعني الفساد بقدر ماهي مخالفة إدارية ؛ واضح أن الميديا تحمل ممارسات قديمة لعصمت وإن صحت معلومة إنه امتنع عن الدفع لأن المبلغ كبير وخارج حدود صلاحياته يلزم الميديا اعتذار للرجل وعليه أن يوضح لنا كم المبلغ الذي امتنع عن دفعه والذي دُفع في الرحلات السابقة ؛حتى يفهم المواطن حجم أمواله المهدرة ؛هنا يحضرني موقف ،حضرت إجتماع بين التحالف الحاكم في حينها الحرية والتغير المجلس المركزي مع والي سابق قبل الإنقلاب في مكتب التنسيق بالخرطوم وذلك بعد أحداث معسكر ابوذر وكريندق ؛ ذكر الوالي لوفد الحرية والتغير بأنه صرف أربعمائة وخمسين مليار جنيه علي لجنة أمن الولاية! سأله أحد المجتمعين في ماذا صرفت هذا المبلغ؟ ؛ هل قمت بتسليح لجنة أمن الولاية؟ قال لا تم صرف المبالغ في الوقود والإعاشة والنثريات ؛ (اتخيلو) كل هذه الأموال مهدرة على حساب التنمية وفي نفس الوقت (مافي) أمن ،صرف على الفاضي .

 

في خضم هذه المعركة بين الوالي ونائبه كتبت احدي الصحف خبر بصورة غير مهنية وفيه نفس عنصري حاد؛ أشار الخبر إلى أن الخلاف بين الوالي ونائبه عمل احتقان بين مكونات الولاية وممكن أن ينفجر الاحتقان في أي وقت لجهة إن الوالي ونائبه قبائلهما تمثلان أطراف الصراع ؛ لا أدري ما علاقة المكونات الاجتماعية بالصراع السلطوي؟

 

الحقيقة (خميس )اتى نتيجة لإتفاق سلام جوبا وليس ممثلاً لقبيلته ؛التمثيل في السلطة سياسي وليس إجتماعي مع الإقرار أن طريقة إلحاق خميس بالاتفاق جاءت نتيجة لبعده العشائري لأن الأطراف الأخري من شمال دارفور ومن مكون إجتماعي واحد فجاءت فكرة إلحاق مكون آخر من ولاية اخرى؛ فتم تجميع خمسة حركات في أديس أبابا باسم التحالف السوداني للتغير برئاسة الدكتور منصور أرباب يونس ؛ اعترضت حركة العدل والمساواة جناح دكتور جبريل علي منصور وتم استبداله بخميس وبذات الشخوص والحركات ؛وتم تسمية الجسم بالتحالف السوداني وحذفت كلمة التغير منه؛ وكل هذه الإجراءات فكرة وتمويل قام بها قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو ؛ساكتب مقال منفصل ومفصل عن هذه الإجراءات لاحقاً.

 

القواسم المشتركة بين خميس وكرشوم كثيرة كلاهما واجهة للانقلاب استناداً على موقف حركاتهما التي ساندت الإنقلاب وشاركت في سلطته فضلاً عن أن الاثنين أتى بهم حميدتي وبالتالي يمكن أن يلم الموضوع في جلسة عشاء ؛من يمنح يستطيع أن يمنع .

 

محاولة (قبلنة) الخلافات مضر بالسلطة وكذلك بالقبائل يجب الفصل بينهما من يريد العمل السياسي عليه الاستناد على حزبه وليس قبيلته

صراع الديوك هذا ليس للمكونات الإجتماعية علاقة به ولا ينبغي ؛بالرغم من اصطفاف عدد محدود من النشطاء العشائرين من الطرفين وهولاء يمثلون مصالحهم الشخصية فقط.

استغلت بعض المجموعات جو (قبلنة) الخلافات وطمأنت الوالي بعدم وجود ردة فعل عشائرية في حالة اعفاءه وشرعت مجموعة من قبيلة نائب الوالي في اختيار بديل اخر خلفيته ادارة أهلية بالتالي ان حدث ذلك سيتسبب في شرخ لأن اقحام القبيلة في ميدان غير ميدانها بالتأكيد نتائجه ستكون سلبية ؛ لذلك على الجميع ابعاد القبيلة من السياسة وهذه نتيجة (قبلنة) السياسة .

 

في ذات الوقت لا نعفي عصمت من تهمة الفساد التي سار بها الركبان والفساد بوزارة المالية (ريحتو) شاطت سنفرد له سلسة من المقالات نسلط الضوء من خلالها علي الممارسات الفاسدة حتى لا نخلط الأمور .

 

كنا نظن أن (خميس) ثائر ويمتلك وعي ثوري استناداً على تاريخه النضالي لكن اكتشفنا أن بعض الظن اثم؛ لقد مكن خميس الكيزان للحد الذي جعلهم يسيطرون على كل مفاصل الولاية وأبعد كل من أتت به الثورة واستعان بوجوه جديدة من خارج الولاية لا نعرف عنها شيئاً مما جعلنا نتساءل هل حقاً كان هذا الرجل ثائر ويحمل قضية وقاتل من أجلها ؟ أم نحن في مسرحية لم نشاهد جميع فصولها ويقوم خميس بجميع الأدوار ثائر وفلولي.

 

حصاد (خميس) وحكومته التنموي لفترته التي قاربت على العامين صفر كبير ولا يستحق حتى توجيه النقد لأدائه في هذا الإتجاه لأننا على الصعيد النظري لم نطلع علي خطته وإن شئت الدقة لا يمتلك خطة نقييمه من خلالها لذلك الضرب على الميت حرام.

 

لا نرجو خيراً من الجبهة الثورية التي تكذب علناً لأنها واجهة من واجهات إنقلاب ٢٥ اكتوبر لكن نأمل أن يهتم الرأي العام في الولاية بالقضايا الحقيقية ويترك صراع الديوك جانباً ويدين القتل والظلم ويراقب أداء الحكومة وينبذ القبلية والجهوية وخطاب الكراهية.

ونلتقي في دعاش آخر عما قريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى