أخر الأخبار

قصتي مع الدعم السريع (٤) 

 

بقلم :منتصر ابراهيم الزين

 

عملية فض الإعتصام ، التي جرت ذلك اليوم ؛ هي أكبر مما تم اختزاله في ميدان القيادة العامة ، ولكن لفداحة التداعيات الدموية ، او ( المجزرة ) التي تمت ، صرفت الإنظار عن أبعادها الاستراتيجية ؛ والخاصة بفكرة بسط السيطرة كنوع من شرعية القوة ، او الاخضاع كأداة من ادوات السلطة ، او مهمة السلطة أن تبسط سيطرتها بذلك النحو الكثيف ، من الإنتشار العسكري ؛ وهو شئنا أم أبينا ، أحد الوجوه القبيحة لسلطة الدولة ، لفرض النظام ؛ وهنا تختلف وجهات النظر منها ، الاخلاقية ، ومنها السياسية ؛ وفي ذلك جاء الوصف الكلاسيكي للدولة ، أنها وحش ، لفياثان ، ذلك الوحش الاسطوري ، او مخلوق فرانكشتاين ؛ الذي يخلقه الأنسان ، فيفقد السيطرة عليه ، حتى لو ادى الى إلتهامه .

واقعياً ، لا يجدي الإنكار من قيادة الدعم السريع ، واللجنة الأمنية التي كانت تحكم الخرطوم ، في تلك الفترة ، أنها لم تخطط لذلك الأمر على ذلك النحو ؛ ولعل الفريق كباشي اشار وأكد أنهم قد اجتمعوا ، وخططوا ؛ وحدث ما حدث .

إعتصام القيادة العامة ، منذ البداية ؛ يستحق أن نعيد ، تقليب صفحاته منذ اليوم الأول ؛ فهو من وجهة نظر الثوار إنجازهم الذي قاد ،إلى الإطاحة بنظام البشير ؛ لكنه من ناحية أخرى ؛ ولأن الإطاحة بالبشير تمت بعملية من داخل السلطة ، لا بد أنه قد تضافرت عوامل وترتيبات مسبقة قادت الى ما انتهى إليه الأمر ؛ لذلك يجب أن يقودنا إلى البحث عن أدوار أطراف السلطة في كيفية التمهيد للانقلاب ؛ فمثلاً ، اتضح لي من وجهة نظري ؛ أن حميدتي كانت لديه خطة جاهزة ، مدبرة بعناية قادته الي تنفيذ الانقلاب باحترافية عسكرية منقطعة النظير ، وقد مثّل الإعتصام غطاء جيّد لتنفيذ الانقلاب ؛ وطبعاً لا ننسي ، أن هناك اقاويل سادت ، بأن صلاح قوش ؛ هو من وقف وراء تدبير ، دخول الثوار إلى محيط القيادة العامة ؛ وهو الظن السائد وسط الإسلاميين ، وهو الظن الذي ، جعل البشير ، مخاطباً صلاح قوش في أول إجتماع ، للجنة الأمنية حسب ما قاله لي احد الحضور ، في اليوم الثاني ، قال له : ( الدين ديل دخلوا هنا كيف ) ؛ ومنها بدأت التدابير العنيفة التي أخذ احمد هرون ، يتبعها لفض الإعتصام ، وكان من المخطط ؛ إلصاق تبعاتها بصلاح قوش ، والتضحية به لاحقاً ، ومحاكمته على جرائم فض الإعتصام . إلى أن جاء حميدتي حيث كان خارج الخرطوم طوال تلك المدة يُعِد العدة لسيناريو بعيداً كل البعد عن اهتمامات اللجنة الامنية المنعقدة في القيادة العامة ، ومباشرة بسط سيطرته على المناطق العسكرية المركزية في الخرطوم ؛ ومنها القيادة العامة ، بالطبع ؛ وفي اليوم الثالث ، او الرابع ، أعلن انقلابه كأمر واقع امام اللجنة الأمنية، مخاطباً لهم ؛ بأن اخرجوا خاطبوا هذا الجمع في الخارج ؛ ويشار الى أنه تم نقله الى مستشفى فضيل ، إثر وعكة صحية مفاجئة ؛ و بعدها حدث ما حدث.!

إعتصام القيادة العامة ، بدأت فيه الأمور متسارعة ، فإلى جانب إستعداد الثوار بالسيول العارمة على نحو مختلف تماماً ، من الايام التي كنا نخرج فيها ، في المواكب ؛ حتى أنا شخصياً دخلت ميدان الإعتصام ؛ وأنا أحمل نفسي حيث كنت أكاد يغشي علي من شدة المرض ، وبرغم ذلك ، وصلت في أول ساعة برفقتي سيدة من الكلاكلة ، لأول مرة تخرج في المواكب ؛ أذكر أنني ، حاولت اثنائها عن الذهاب معي ، مشيراً الى أن زوجها لن يقبل بذلك ، وطفلتها صغيرة ؛ قالت لي بحزم ( خلي يطلقني ) ؛ ووصلنا معاً الى هناك .

ومن ناحية أخرى ؛ أشار لي أحد الاصدقاء بشأن كيف جرى الترتيب للاعتصام ؛ بأن جهة ما من الاسلاميين ، قد حققت حول يوم ٦ أبريل ؛ فقالوا إنهم خلصوا ؛ الى أن في ذلك اليوم ، شهد مستشفى الخرطوم ، قطع ألف تذكرة زوار للمستشفى ، اتضح في الواقع انهم متظاهرين خرجوا ، في ساعة صفر محددة ، وهم الذين عبروا شارع القيادة ؛ مما أثار الرعب في قوى جهاز الأمن التي كانت مرابطة اعلى كبري المسلمية ، فدفعتهم الى الإنسحاب ، مما مكن الموكب القادم من شروني ، من العبور ، وبالتالي انفتحت الثغرة الامنية على نطاق منطقة نمرة٢ ، من العبور ؛ وبالتالي ، فقدت القوة الأمنية السيطرة على محيط القيادة العامة ؛ وبالتالي انتصب للاعتصام على النحو الذي تم ؛ ومن ثم ظهر ( مرتبة مان ) فاكتملت الصورة .

صورةحميدتي ، المثيرة للجدل ، ( حميدتي الضكران الخوّف الكيزان ) ، وهو البوستر ، الذي لا يبدو أنه ، قد تم اعداده على عجل ؛ يفتح باب الاسئلة ، حول علاقة العناصر التي قامت بهذه العملية ؛ هل كان هناك دور مسبق لفارس النور مثلاً وراء بعض الترتيبات ؛ خصوصاً وأنه كان مشرفاً بشكل كبير على لوجستيات الإعتصام ، من طعام وغيره عبر منظمة مجددون ؛ وهو قد انتهى به ، الأمر إلى مستشار لحميدتي كما نعلم ؛ وقد قام بإعلان ذلك . هل كان إعلانه المتأخر ، مجرد تكملة لسيناريو جري لعب أدواره منذ بداية الإعتصام ؟!!!

يتبع …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى