أخر الأخبار

قصتي مع الدعم السريع (٣)

 

بقلم :منتصر ابراهيم الزين

منذ لقاء الساحة الخضراء ، تواصلت لقاءاتي مع القوني ؛ تبدأ يومياً من الصباح ؛ حيث كان يرسل لي سائق خاص ، لعربة أسرته الخاصة ، وحتى لو لم نلتقي من الصباح ، كنت أنتظره في شركة JSK بنمرة٢ ، وهي شركة نظم معلومات متقدمة يديرها ؛ لا أعرف الآن ما آلت إليه الشركة ، اظنني نسيت موقعها . حتى جاء اليوم الذي ، كان من المقرر أن أقابل القائد حميدتي .!

عند الساعة الثانية بعد الظهر ؛ وبينما كنا مجتمعين مع رجل يدّعي بأنه ، جاء من امريكا ، ولديه مقترح بإنشاء مدارس تكنلوجيا على النموذج الأمريكي ؛ وكان يقدم تصوراً مثالياً عن التعليم ، يطلب أن تقدم إليه تسهيلات وضمانات لإنشاءها في السودان . وكان هناك رجل آخر ، لديه تصوّر علاقات عامة مع حكومات ومنظمات حسب ما قال ، ولديه خطة سفر الى تركيا ، يطلب أن تقدم إليه تسهيلات سفر ، من تذكرة سفر ، وتأشيرة ، ونحو ذلك ؛ شعرت بأنه محتال ، او يخطط للهروب عبر غطاء مضمون ، فنبهت القوني لذلك ، فوعده ببحث الأمر وغادر ؛ وأشار إلي بعد ذلك بأن قراءتي سليمة تماماً ، وكان فعلاً مجرد محتال يخطط للهروب من البلاد . كما قلت عند الساعة الثانية ، بعد أن ذهب القوني إلى القصر ، للتأكد من برنامج عمل القائد حميدتي ، أرسل الينا عربة من القصر ، للقاء الرجل .

دخلنا القصر ، وأول ما لفت نظري ، هي الافتة الصغيرة ، المعلقة أمام الباب بإسم مكتب الرئيس ، فقابلنا حميدتي هاشاً ومرحاباً بشكل لافت ؛ جلسنا ، وتعرّف علينا فرداً فرداً ، وكنا ثلاثة ، صاحب مشروع بالمدارس الامريكية ، وآخر صاحب أعمال خيرية ، ربما كان تولى توزيع مساعدات في وقت سابق ، بينه وبين القوني معرفة سابقة ؛ حينما جاء دوري ، أقترح القوني أن يتحدث نيابة عني ، ويتولى تقديمي بطريقته كرجل جدير بأن أصبح مستشاراً ، ورغم استغراب حميدتي لذلك ، إلا إنه قِبِل على مضض ، وأثناء ذلك ، دخل سكرتيره الخاص ؛ لا زلت احتفظ بانطباع سيء تجاهه منذ ذلك اليوم ، همس له في أذنه ؛ فاستأذننا ، برفع الإجتماع ، لأن اللجنة الامنية لديها مواعيد مسبقة ، واننا تسببنا في تأخيرهم اكثر من تلت ساعة ، وهي اشارة الى اهمية دقة المواعيد في برنامج عمله ؛ وأشار لي مشدداً وهو يشير ناحية القوني ، أن نلتقي يوم غداً صباحاً عند العاشرة ، وأمر أن تُرسل لي عربة ، لتوصلني الى القصر .

ونحن عند عتبة الباب ، تقابلنا وجهاً لوجه ، مع ثلة من كبار الجنرالات بمختلف الرُتب ، قيادات عليا في كل القطاعات الأمنية ؛ فشعرت بإنقباضة في قلبي ، بمجرد دخولنا الاسانسير ، همست في إذن القوني ، بأن هؤلاء الناس لن يأتي منهم خير ؛ فرد لي ساخراً ، هؤلاء (“شياب ) عجزة لن يفعلوا ، شيئاً ، قلت له عموماً لقد انتابني شعور سيء تجاه هؤلاء الناس . عدنا الى مكاتب الشركة ، ثم غادرنا لتناول الإفطار في اركويت مع أحد اصدقاء القوني ، ثم عُدنا الى نمرة٢ ولم يلفت نظري أي شي ، وعُدت إلى البيت ، مع الأمطار في تلك الليلة ، والشعور بالتعب ، غرقت في نوم عميق ؛ فصحوت على صوت زوجتي وصراخ من بيت جيراننا ؛ ينبؤننا بعملية فض الإعتصام !!

لقد كان ، أول يوم التقي فيه حميدتي وجهاً لوجه للأسف ، يوم هذا الحادث المشؤوم ؛ فاتصلت من فوري على القوني ، وبعد عُدة محاولات رد علي ، فقلت له ياخ نحنا اتفقنا على شنو ؟ ، فقال لي في شنو ؛ فقلت له ، لقد فضواء الإعتصام ؛ ورد متسائلاً ، منو الفض الإعتصام ، واردف دقيقة برجع ليك .!

في صبيحة ذلك اليوم ، تسللت بالشوارع الداخلية من الكلاكلة ، حتى وصلت إلى منزل القوني بجبرة ، فقال لي للأسف ، أمس ضيعنا فرصة ، وياليتنا استفدنا من الزمن لتقديم واحدة من تصوراتك بعدم فض الإعتصام للقائد مهما كان الثمن ؛ ولكن للأسف يبدو أن الفأس قد وقع في الرأس ، وأقسم بإنه لا يعلم عن الأمر أي شيء ؛ وأشار لي بأني يا منتصر وانت معنا ، بمرور الزمن ستدرك كيف تدار الأمور ؛ واردف هل تعلم بأني في أحيان كثيرة يتم النظر إلى كثغرة امنية ، لا نعرف الكثير عن الاشياء إلا بعد وقوعها ؛ وأضاف بأن عملية الانقلاب التي قام بها حميدتي ، لم يخطر بها أحد ، ويبدو أنه كانت هناك خطة مُعدة ، ونحنا ننفذ التعليمات فقط ولا نسأل . وأردف هل تعلم ، كوني قطعت حدود مستودعات الشجرة تلك الليلة ، لإيصالك الى منزلك بالكلاكلة كانت مغامرة يمكن أن تجلب لي المتاعب .

مرت ساعات ثقيلة ، ونحن خارج المنزل ، نجلس على سيارة ؛ ومن خلال إتصالات أجراها مع اللواء عثمان عمليات ، تلقينا شرح لما يدور ، وادركت حينها طبيعة ما يجري ؛ وأن اللواء عثمان عمليات هو القائد لما يجري على الأرض .

ماهي طبيعة عملية فض الإعتصام ، على من تقع المسؤولية المباشرة في عملية فض الإعتصام ؟ وقبل ذلك كله ، ما هو السر وراء اعتصام القيادة العامة ، وهل كان هناك دور مخطط بشكل مسبق لفارس النور الذي أصبح لاحقاً مستشاراً لحميدتي ؟!

ماذا قال البشير لصلاح قوش في أول إجتماع للجنة الامنية بالقيادة العامة بشأن المعتصمين ؟!

هذا ما سنتناوله في الحلقة (٤)

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى