أخر الأخبار

حكومة الانقلاب المرتقبة

 

بقلم:احمد موسي قريعي

 

بات المشهد السياسي السوداني معقدا ومتشابكا لدرجة يصعب التكهن فيها بما يحدث في مقبل الأيام القادمة، فالعسكر بعد أن استأثروا بالسلطة عبر انقلاب (25) أكتوبر أخفقوا في تشكيل حكومة (ترضي) في الأقل تطلعاتهم.

أما المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير فهو الآن في خانة المناورة (فرجل) مع الشارع وأخرى تغازل الانقلاب لكنها تخاف على (سمعتها)، وأما لجان المقاومة ومن يؤمنون بالتغيير عبر الشارع، فقد أضحت أدواتهم النضالية (مملة) و (متكررة) و (متخبطة) و (حذرة) لذا لا يستطيعون أن يصنعوا حدثا يغير نتيجة المعادلة ويحدث (أمرا واقعا) على الجميع الانصياع له.

وعلى هذا وذاك يدفع الشعب السوداني (الغلبان) والمغلوب على أمره (فاتورة) عجز قواه الحية ومن أستأمنهم على ثورته.

أعتقد أن العسكر (ماضون) فيما أقدموا عليه في (25) أكتوبر لأن خصومهم في (المَدّ الثوري) عاجزون عن صُنع المفارقة.

لذلك ليس غريبا أن نرى حكومة (أمر واقع) في أي وقت من الأوقات، فالخيارات مفتوحة أمام العسكر وطريقهم (أبيض).

فالعسكر الآن يعملون عملية (تطهير) لانقلابهم عبر مغازلة (العصا والجزرة) لقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، وقوى الحرية والتغيير (التوافق) التي فرضت نفسها مثلما فرض العسكر (وصياتهم) على السودان وشعبه.

فتشكيل حكومة أيا كان نوعها أو مصدرها قد بات (قاب قوسين) أو أدنى، لأن عساكر الانقلاب في حاجة إلى حكومة (يُعلقون) عليها فشلهم حتى (يُثبتون) للعالم الخارجي وبعض بسطاء شعبنا أنهم (زاهدون) في الحكم والسياسة.

إن المرحلة القادمة من عمر الانقلاب قد تشهد الكثير من المفاجآت، وسياسة الأمر الواقع، مثلما رأينا أن البلد تستقبل (لصوص الإنقاذ) استقبال المنتصرين و(شماعة العسكر) هي ما قاله (البرهان) في لقائه بأعيان (قبيلة المسيرية): ((البلد ما فيها حكومة ولو كان فيها حكومة ما كان استقبلوا “ايلا” استقبال الفاتحين مع أنه مطلوب للعدالة)).

ما قاله (البرهان) ليس جديدا علينا، فهو امتداد لسياسة الإنقاذ التي أصبحت ثقافة للحكم وممارسة العمل السياسي، فالبرهان في حقيقته أحد أدوات الإنقاذ التي تستخدمها لتغيير جلدها كلما (يعصرها) الشعب، أو تتعرض (لزنقة ثورية).

حديث البرهان لأعيان المسيرية كان (كلمة السر) لتشكيل حكومة حتى لو يكون هو على (رأسها) فكل (شيء) متوقع، وكل الخيارات مفتوحة، و(بكرة) تقولوا (قريعي) قال كما قلت في مرات سابقة عبر هذه اليوميات، وقد حدث ما قلناه بالكربون.

السودان الآن هي (ملك) العساكر وأعوانهم، وهذا شيء طبيعي ومتسق مع تاريخ السودان الثوري والسياسي والعسكري، فالعسكر في بلادنا ليس لهم (ذنب) فنحن الذين نقدم لهم ما يريدون في كل مرة على طبق من ذهب، هذا ما سأثبته (غدا) في يومية بعنوان (انقلابات السودان هدية المدنيين للعسكريين).

وفي كل الأحوال ليس في يد (قوى الثورة) في الوقت الراهن غير انتظار (فرج الله)، وتنظيم الاحتجاجات وتسيير المواكب، والاعتصامات أملاً في الوصول إلى مرحلة (الإضراب السياسي والعصيان المدني)، وهذا هو التعبير الحقيقي للمثل الشائع (حُلم الجيعان عيش).

يا سادة فقد تغيرت أدوات النضال وتبدلت، وأصبح ما كنا نظنه في السابق (استراتيجيا) تكتيكيا والعكس صحيح، لذلك فإن (التمترس) خلف الأدوات البالية لا يُجدي نفعا مع (عساكر) يحملون السلاح ولديهم رغبة جامحة في تخطي رقاب الناس عبر (أبواتهم).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى