دروب الحقيقة يكتبها : احمد مختار البيت

دروب الحقيقة

احمد مختار البيت

الملاريا واللصوص

كل من سألت عنه، في مدينة ابوجبيهة خلال هذا الاسبوع، وجدته مصاب بالملاريا أو إحدى اخواتها ولا تسألني عن اخواتها، والمواطن مضطر للتعامل مع كل انواع العلاج المتاح الطبي والبلدي، حسب قدرته المادية وامكانية توفير البدائل المأمونة والمجربة.
والملاريا في هذا العصر اصبحت شرسة ومتوطنة تصيب الإنسان على مدار الاسبوع واحيانا الشهر أو ربع سنوية ،أو نصف سنوية ،ونادرا ما يحول عليها الحول.والمدينة التي عاشت سنينها الخوالي كانت لا تعرف فيها ، الناموس ولا أي ناقل حشري آخر، هى اليوم (مبعضة ) مخيفة، يتحرك فيها البعوض طول اليوم، ليلا ونهارا ولا ادري هل عاد عمال النظافة المؤقتين عن اضرابهم المفتوح ،أم مضوا في طريقهم إلى حيث( الجنقو مسامير الارض) الرواية الفائزة بجائزة الطيب صالح للابداع الكتابي ، وإن شئت قل هم ( ملح الأرض)، وعلى الأخ سايمون تراب، أن يتصرف بعدهم مع المدينة واهلها، وهى تتمدد بلا استئذان. وترقص أن تعين هؤلاء البسطاء الذين ظلوا لعشرات السنين يعملون بلا مقابل (سخرة)وبلا سجل…
اسعار ادوية الملاريا في ابوجبيهة زادت بشكل خرافي، كما يقول أهلها وبلغ سعر كورس حقن الملاريا الاكثر استعمالا (4 ألف )جنيه بالتمام والكمال، وكورس الحبوب الصينية (500) جنيه.وكورس آخر يطلق عليه محليا كورس المنظمات (300 )جنيه، وهذه ادوية مجانية تسربت إلى السوق الأسود، في ظل انعدام الرقابة والضمير معا ،وهذا حديث يقود إلى حادثة شهدتها المدينة خلال الأيام الماضية، تقول المعلومات الاولية المتوفرة أن (ابطالها ) طبيب ومساعد طبي وعامل كهرباء أو مخزنجي، سولت لهم انفسهم الامارة بالسوء ،أن يعتدوا على كمية من الأدوية المتنوعة ،ونقلها عبر مراحل متعددة، وبوسائل تمويهية مبتكرة، ولكن الاجهزة الأمنية تمكنت من القاء القبض عليهم، ولم يعرف حتى الآن مصير القضية.الأمر الذي يلقي على عاتق شباب المقاومة مسؤولية كبيرة في حراسة حقوق اهلهم وجماهيرهم، في الصحة والعلاج والخدمات، وهناك تجربة عظيمة للجان المقاومة بجبرا بالخرطوم ،تستحق التأمل والاقتداء بها، فقد استطاعت لجان المقاومة بجبرا أن تشكل جهاز رقابي حقيقي ومعترف به من كل المواطنين، ليس في المخابز والافران، بل في كل الخدمات، وشكلوا لجان جلست مع اصحاب المدارس الخاصة، وناقشت معهم الرسوم العالية المفروضة على المواطنين ووقفت على المساحات الخالية والميادين، وامكانية تشييد مدارس اهلية بالعون الذاتي فيها، وسهرت على تأمين الحي من اللصوص، وزوار الليل واصبحت برلمان شعبي يلجأ اليه المواطن كلما ضاق به الحال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى