فالنوقف تمدد الحريق الكبير

 

 

 

يجب ان نواجه الحقيقة مهما كانت قاسية ومهما كانت مرعبة، فالحقيقة ستجعل منا أحراراً والحقيقة ستساهم في بناء مجتمع معافى ومتسامح وقادر على معالجة امراضه الذاتية وقادر على التطور.
علينا ان نفكر بصورة مختلفة، فيها نوع من الصدق مع الذات والأخر.
ان الحوادث المتكررة لا يمكن الاستهانة بها لأن الطريقة الانتقائية في الاستهداف تم التمهيد لها، واختيار مناطق متعددة لما لها من سمعة سيئة في ذاكرة الإقليم. اذ يتم اختيار مواقع كثرت فيها حالات النهب والسلب بصورة مستمرة في كل الاقليم وخاصة الشرقية بمحلياتها الثمانية. وهي حوادث لاتنفصل عن بعضها البعض وهي مناطق معروفة تصلح لتكون انموذجا للانفلات الأمني وللأسف ليست في مناطق نائية وبعيدة حتى يصعب السيطرة عليها وضبطها.
يجب ان لا ننظر الى هذه الحوادث كنظرة عادية لتكون ضمن قائمة الحوادث التي تحدث بصورة طبيعية. في اعتقادي كل هذه الحوادث تخدم مخطط واحد الا وهو تأزيم الأوضاع في المنطقة وتاجيج الصراعات واشعال الحرائق في المجتمع بصورة ممنهجة لتصل الى هدف واحد وهو ضرب النسيج الاجتماعي وزيادة نسبة التوتر التي تضر بصورة مباشرة بالسلام الاجتماعي في المنطقة والذي يجب ان يكون خطا أحمر.

حالة الاحتقان والاستقطاب الحاد لا تخدم الا الذين يعملون في استغلال موارد المنطقة في صمت مستفيدين من حالة الغفلة بسبب الانشغال بالصراعات والنزاعات، في ظل وجود سيولة أمنية في الاقليم.. لماذا هذا التهاون في حسم امر المتفلتين وهم معروفين يتجولون نهارا جهارا وفي اماكن معلومة للجميع في اقليم جنوب كردفان!.. هكذا بدات الاحداث في دارفور وتأزمت بنفس الطريقة، نهب وقتل وسرقات في ظل وجود صراعات ونزاعات أهلية مشتعلة! ..
هل يراد لهذا السناريو ان يتكرر هنا ونحن نشهد الاستهداف الممنهج بصورة انتقائية لكل الذين راحوا ضحية لهذه الحوادث ومضاف اليها نيران النزاعات الأهلية المشتعلة التي راح ضحيتها نفر كريم من الاهل والأحبة من كل المكونات المجتمعية المختلفة في المنطقة الشرقية والاقليم وأخرها أحداث كالوقي والكرة.
يجب ان نفكر بصوت مسموع مع بعضنا البعض من هم وراء هذا المخطط؟ لماذا انحدرنا كمجتمع الى هذا الدرك الأسفل من القتل ببشاعة والتمثيل ببعضنا البعض؟ كيف يمكننا ان نصدق انها عفوية وان استمرار النزاعات وحالات التجييش تتم على مرأ ومسمع الجميع مع ذلك تظل الحياة ساكنة الى ان تقع المعارك الأهلية هنا وهنا وتجدد حالات النهب هنا وهناك. والنتيجة نهرا من الضحايا يغمر كل بيت وكل اسرة وكل عائلة وكل قبيلة وبالنتيجة كل الشرقية، وسيكون طوفان يغرق الاقليم ككل. يجب ان نفكر لماذا نتناحر بهذه الطريقة و لمصلحة من؟
لا سبيل الا التعايش السلمي والسلام الاجتماعي وحتى يتحقق ذلك يجب العمل معا لمحاربة النهب المسلح كمجتمع اذا عجزت الحكومة عن ذلك ونواجه بعضنا البعض بكل شجاعة ومن قديم الزمان تعلمنا (ان المجرم ما عنده قبيلة) وتعلمنا أيضا من حكمة مجتمعنا (ان المتجاورات متعاورات). يجب ان ننهض نحن في مواجهة هذا المخطط المدروس بعناية الذي يراد له الزج بالبسطاء في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر. يجب ان نقول لا.
تخيلوا معي اخر حادث ان لم يتريث الناس واستمعوا لنداءات العقلاء حتى تستبين الرؤى وتتكشف الحقائق لكان الواقع غير ذلك تماما في المنطقة؛ لكن تدخل العقلاء والحوارات البينية كانت سبباً لمنع كارثة والحمد لله على لطفه وان سخر رجالات الخير والعقلاء في المجمتع لتدارك الموقف ومحاصرته بحكمة وحنكة واقتدار.
علينا ان نستثمر في ذات النهج وتعزيز مفاهيم اللا عنف وتجفيف المنابع التي تعمل لتغذية هذه الصراعات واستمراريتها. فالنكثف اتصالاتنا ونبني جسورا للثقة لتمهد الطريق امام حوارات جادة من اجل سلام اجتماعي حقيقي يقوده الحادبين على المصلحة العامة من كل الأطراف.. انتم من يصنع التاريخ القادم اما دماء لا تنتهي او سلاما اجتماعيا وتعايشا كاجدادكم وان لنا في التاريخ تجارب وعبر.
لم تعقر البصيرة والارادة والعبقرية في الشباب والادارات الأهلية والنساء لوقف هذا النزيف الذي خلف ما خلف من الضحايا من كل بيت.

المستشار اسماعيل هجانة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى