الأثر القانوني لإتفاق البرهان نتنياهو ؟ والخطاب الثلاثي الذي وقعه الثلاثي (البرهان/ حميدتي/ طه اسحق ) لتحديد اطراف العملية السياسية (١)

 

بقلم:الصادق علي حسن المحامي

تلقيت اكثر من إتصال من اشخاص يعملون لدى جهات دولية ليست ببعيدة عن مطبخ القرار الدولي النافذ في الشأن السوداني وقد لا تكون هذه الجهات بعيدة عن الإتفاق المبدئي غير المعلن ما بين البرهان ونتنياهو والذي بموجبه وصل وزير خارجية إسرائيل إيلي كوهين بذات نفسه للخرطوم الأسبوع الماضي ، والآن دخل الإتفاق المبدئي غير المعلن عنه بين طرفيه البرهان ونتنياهو مرحلة تحويله لعقد مكتوب بشهوده طرف دولي وهو الولايات المتحدة الأمريكية وتجهيره للتوقيع عليه في مراسيم دولية بواشطن كاتفاقية منتجع كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات مع رئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجن في عام ١٩٨٧م برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر إثر مفاوضات سرية امتدت لفترة مثل مفاوضات البرهان الحالية مع الطرف الإسرائيلي ونتجت عن إتفاقية كامب ديفيد معاهدة السلام ما بين مصر وإسرائيل، كما ومن الإحتمالات الواردة ان تكون الجهة المشار إليها قد استفسرت بغرض الإلمام الكافي بالأوضاع القانونية لمثل هكذا إتفاق وحجية المراكز التي تنشأ بموجب أحكامه ومستقبله والأثر الذي يحدثه عقب إعلانه بشقيه القانوني والفعلي من خلال تطبيق بنوده ودخوله في حيز النفاذ في السودان .
تصريحات وزير خارجية إسرائيل إيلي كوهين والذي زار السودان علنا والتقي بالبرهان في داخل القصر الجمهوري بالخرطوم أكد بلا لبس بأن الإتفاق سيتم توقيعه بين البرهان ونتنياهو في الشهور القادمة بواشنطن كما وأكدت الصحف الإسرائلية ذلك، ولم تنف رئاسة الجمهورية حتى الآن ليتسقي الشعب السوداني المعني بالإتفاق معلوماته عن الإتفاق المبدئي من وزير خارجية إسرائيل مباشرة ومن وسائل الإعلام الإسرائيلية ، لقد كانت إتفاقية كامب ديفيد بين الرئيسين المصري السادات والإسرائيلي من اهم بنودها التاسيس لمشروع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ولكن في حال السودان ليس للسودان نزاع مع إسرائيل وإسرائيل ليست جارة للسودان كما أن موقف السودان يتمثل في دعم القضية الفلسطينية ودول المواجهة العربية سابقا مع إسرائيل ومن المؤكد ان موقف السودان الحالي من خلفه دول عربية أخرى كما وان الإتفاق الذي سيوقع عليه البرهان كما رشح في الوسائط وبموجبه سينضم السودان لمجموعة التطبيع وما يسمى بإتفاق ابراهام .
إتفاقيات ابراهام أو الإتفاقيات الإبراهيمية أو إتفاقيات إبراهيم :
يطلق على مجموعة من إتفاقيات السلام التي عُقدت بين إسرائيل ودول عربية برعاية الولايات المتحدة الأمريكية في مارس ٢٠٢٢م قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ان إتفاقيات ابراهام لتشكيل مستقبل جديد للإمارات وإسرائيل والمنطقة كلها .
السودان في ركب إتفاقيات ابراهام:
زيارة وزير خارجية إسرائيل للخرطوم تمت علنا وذلك لإكمال ترتيبات إلحاق السودان بإتفاقيات ابراهام والأيام حبلى بالعجائب والغرائب ،كل الدلائل تشير بقرب إنضمام السودان لإتفاقيات ابراهام وتنتهي لاءات الخرطوم الثلاثة ولكن اما كان الأجدى للسودان إستعادة علاقاته بإسرائيل بمعزل عن إتفاقيات الدول العربية الأخرى مع إسرائيل ام برمج السودان ذاته على غرار الموروث من التبعية لمنظومة الدول العربية.
لقد كان ردي المتكرر للمستفسر او المستفسرين خلاصته في الآتي معناه وقد لا يكون الرد قيل للجهات المعنية بذات الصيغة والعبارات (القواعد التأسيسية للدولة السودانية حددت كيفية تأسيس هياكل الدولة بإنتخاب جمعية تأسيسية من كل اقاليم السودان تضع الدستور الدائم وعن انشاء الالتزامات والمراكز التعاقدية تتم المصادقة من خلال أجهزة الدولة المنتخبة والمناط بها) ذلك من حيث التوصيف القانوني ، وفي القانون الدولي تعبر عن الدولة أجهزتها المعترف بها لدى الأمم المتحدة وطالما كانت هنالك سلطة ذات سيادة قائمة في اي دولة ومعترفة بها لدى الأمم المتحدة فتستطيع هذه السلطة انشاء الالتزامات والإتفاقيات والمعاهدات الدولية، الحكومات الإنقلابية حتى على الديمقراطيات إذا حازت على إعتراف الأمم المتحدة تصبح تلك الحكومات الإنقلابية صالحة لإنشاء الالتزامات وكم هنالك من إنقلابات اطاحت بنظم ديمقراطية سارعت الأمم المتحدة قبل غيرها بإدانتها وشجبها وعلقت عضوية المعنية وامتنعت عن التعامل معها ولكن سرعان ما راجعت مواقفها نتيجة لتقاطعات المصالح الدولية وتقديرات الدول الكبرى داخل الأمم المتحدة بمثل ما حدث في عدة دول في أفريقيا ، وقد تتغير نظام حكم الدولة بل جغرافيتها وارضها وشعبها بمثلما ما حدث في الإتحاد السوفيتي سابقا ، اما بالنسبة للسودان فقد ظل السودان في الحقب الديمقراطية والعسكرية السلطة القائمة فيها تنشئ الالتزامات والمراكز القانونية بحسب السلطة القائمة والمعترف بها ، كما ظل يحدث في ظل النظام الإنقلابي الذي اعقب الحكم المدني في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م ولكن وضعية السودان عقب قرارات ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م والتي أصدرها البرهان جعلت السلطة القائمة في السودان غير مؤهلة لإبرام الإتفاقيات الدولية التي تجد حجيتها لدى الأمم المتحدة بسبب عدم إعتراف الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي والإتحاد الإفريقي بقرارات البرهان ونظامه وتعامله مع نظامه إستنادا للأمر الواقع فالتعليق الذي تم لم يمس العضوية بالمنظمة الدولية يل بعض الصلاحيات ولكن المستغرب له فعلا وقد تم تعليق عضوية السودان من جراء الإنقلاب وعدم الإعتراف به تم تجديد عضوية السودان في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مما يشير لمدى تاثير التقاطعات الدولية على مؤسسات الامم المتحدة نفسها ، اما بالنسبة للإتفاق ما بين البرهان وإسرائيل الحالي وهذا ما كان يهم الجهات المُستفسرة بحسب القانون السوداني وليس القانون الدولي وهي الادرى بذلك القانون ، هذا الإتفاق المبدئي غير المعلن قد يشمل عدة بين طرفيه من بنوده بالضرورة أحكام إنهاء المقاطعة ثم البنود الأخرى التي تنظم العلاقات المشتركة في تبادل المنافع والمصالح الدولية ومثل هذا إتفاق أساسه إنهاء المقاطعة وطالما تم إنهاء المقاطعة يترتب على الإنهاء آثار منه إنهاء الحالة النفسية للشعب السوداني من مقاطعة دولة إسرائيل وفي هذا الحال حتى إذا ذهب البرهان فإن الأوضاع قد تختلف فمن حق النظام الذي يأتي من بعده إعادة قرار المقاطعة وهنا في حالة إعادته تثور التساؤلات حول الآثار القانونية عن المراكز التي نشأت والالتزامات مع إسرائيل ومدى حمايتها في القانون .
إتفاق البرهان ونتنياهو من المستفيد ؟
من المؤكد ، ان الطرفان مستفيدان ولكن بخلاف الإستفادة الشخصية لنتنياهو في الإنتخابات العامة الإسرائيلية واستفادة حزبه الليكود واستفادة دولة إسرائيل وشعبها بإنهاء حالة مقاطعة مع دولة ذات ثقل جغرافي في أفريقيا مثل السودان ومن عاصمتها الخرطوم خرجت اللاءات الثلاثة فاسرائيل تحتاج للإستثمار في السودان في كافة المجالات مثل التعدين والنفط والغاز والزراعة والإنتاج الحيواني وفي تصدير تقنياتها التكنلوجيا ومنها تلج بثقلها إلى أفريقيا كذلك تسعى إسرائيل لزعامة الشرق الأوسط في المستقبل بديلة عن مصر ، اما بالنسبة للسودان فالإتفاق المبدئي تم في إطار الإتفاقيات الإبراهيمية وهذه لا يُعرف خفاياها وما يُعرف عنها في حدود البرهان وخاصته من المقربين منه ،ولكن من المؤكد ان البرهان هو المستفيد الأول في شخصه عن الطرف الذي يمثله وهو السودان، الإتفاق سيتم التوقيع عليه في واشنطن وفي الشهور القادمة وبالضرورة ان يظل موجودا في مقعده كرئيس للدولة أو على صاحب نفوذ على الحكومة التي يشكلها من خلف حجاب ليضمن بان من ياتي من بعده سيسير في ذات الإتجاه وهذه الضمانة ليس للبرهان وحده بل ايضا لإسرائيل، فمن يخلف البرهان يجب أن يتعهد بتنفيذ ما التزم به البرهان ،وبغض النظر عن خفايا الإتفاق المبدئي غير المعلن لقد ترتب عليه وعلى زيارة إيلي كوهين للخرطوم إنهاء الحالة النفسية تجاه عدم الإلتزام بمقاطعة إسرائيل ففي الجمعة التالية لزيارة كوهين لم تخرج المساجد ولا الجماهير منددة ومستنكرة كما كان يحدث في السابق وكان المسألة باتت لا تعنيها، وحينما اكتشف قادة حركة الإسلام السياسي ان الشعب السوداني لم يعد مهتما شرعت في إعداد مجموعات منظمة للدعوة لتكوين وتنظيم شعبي لمناهضة التطبيع مع إسرائيل ، ولكن شتان ما بين التعبير الشعبي التلقائي الهادر عقب الحدث والجماهير المنظمة التي تُحرض للخروج ورفع الشعارات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى