التحديات والفرص.. لمن يتولى منصب والي القضارف…

تقرير :عبدالقادر جاز

*الترشيح لمنصب الوالي عملية معقدة وشائكة تمر بعدة مراحل متسلسلة بأبعادها التنظيمية والسياسية وخلافه، ولا تخلو من خلل في نهاية المطاف، وهذا ما انطبق على سحب الثقة من والي القضارف د. سليمان علي موسى من قبل المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير بالقضارف مرورا بإقالته من قبل رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك، وما أحدثت هذه الخطوة من فراغ دستوري بموجبه كلف أمين عام الحكومة بتسيير الأعباء إلى حين تعيين والي خلفا لسليمان، يرى المحللون والسياسييون أن مثل هذه القرارات تكتنفها جملة من العقبات الإدارية التي تستدعي الاستجواب والمحاسبة قبل اتخاذ القرار الصائب، السؤال المطروح أزمة والي القضارف كالعقدة التي في المنشار بتشخيصها ترى أنها إما أن تكون أزمة كوادر أو إختيار؟ والمحك الرئيسى وضع إعلان الحرية والتغيير في موقف صعب. كيف سيتم اختيار الوالي الجديد، هل سيكون من ذات الكتلة أم أن الفرصة ستكون مفتوحة أمام كافة تنظيمات قوى إعلان الحرية والتغيير وحركات الكفاح المسلح؟*

 

*إختراق:*
وصف الأستاذ محمد إبراهيم أحمد (ود إبراهيم) رئيس الحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري التيار الشعبي بولاية القضارف الأزمة التي أقيل بها والي القضارف المدني من منصبه بأنها لم تكن أزمة اختيار بل هي أجنده ومحاور الوالي التي استطاعت أن تخترق قوى الحرية والتغيير والتجمع داخل كتلة المجلس المركزي بالخرطوم، معتبراً أن هذه اللعبة أصبحت تحصيل حاصل بالرغم من تعنت بعض من المجموعة عبر النظام السابق، وشدد ودإبراهيم على ضرورة إيجاد مكتب للفحص الأمني تفادياً لوقوع مثل هذه الإشكاليات مجدداً، مؤكداً أن الكروت أصبحت محروقة تماماً فيما يخص اختيار الوالي الجديد من ذات الكتلة، واستبعد ود إبراهيم بأن الجبهة الثورية مستعدة بالدفع بوالي بشرق السودان، مبيناً أن اختلاف المكون العسكري والمدني بالقضارف نتيجة طبيعية لهشاشة الحاضنة السياسية وتركيزها الكلي على اقتسام الكيكة بعيداً عن القضايا المصيرية.
*الفيديوهات لتبرير الفشل:*
أكد الأستاذ الباقر الشيخ الهميم الشيخ رئيس حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي بولاية القضارف أن أزمة القضارف تكمن في صانعي القرار، وأصحاب المصالح الفردية، مبيناً إذا لم تحل هذه المعضلة لن تبارح الأزمة مكانها، معتبراً أن والي القضارف المُقال جزء أساسي من الأزمة السياسية والإدارية والاقتصادية بمجرد تعينه، وحمّل ضعف ذلك للجهة التي رشحته ولا خيار لها غير د.سليمان بأنها جهة معروفة لحزبه ولقوى الحرية والتغيير بتحالفاتها وهم يعلمون جيداً علاقته مع النظام السابق، مرجحاً أنه لا خيار لهم ، فتم تلميعه واحتفظوا بالفيديوهات للضرورة ولتبرير فشلهم، ولفت بأن فشل الوالي بسخط ورفضهم أهل القضارف بعدم تقديم ما يشفع له من إنجاز مما ساهم في نشر الفيديو بالإطاحة المبكرة.
*فرصة رفقاء الكفاح:*
وأعرب الباقر عن أمله أن يكون الوالي القادم يمتلك الخبرة والكفاءة والدراية العالية خارج نطاق الحرية والتغيير بأسس ومعايير تؤهله لإدارة الولاية، مضيفاً ما دام هناك تغيير قامت به الثورة فلماذا لا نعطي هذه الفرصة لرفقاء الكفاح المسلح لاختيار من هو أهل للقيادة مع مراعاة كل ضوابط عملية الإختيار، مبيناً أن ما حدث له تأثير كبير على مستوى مجلس الوزراء وإن جاء قرار الإعفاء متأخراً إلا أنه أرضى أهل القضارف ومكوناتها السياسية المختلفة، وأثنى على التوافق العسكري والمدني الذي شهدته منطقة ود كولي بمناسبة العيد السابع والستون للقوات المسلحة بأنه فرصة كبيرة لاختيار حكومة ولائية على المستويات التشريعية والتنفيذية لإنقاذ هذه الولاية المنكوبة.
*الخيارات والفرص:*
قال الأستاذ سليمان إبراهيم المحلل السياسي إن إختيار الوالي لم تصحابه أزمة اختيار فعلي، فالإجراءات التي تمت هى الأنسب على مستوى السودان، موضحاً بأنه من حيث الكادر والكفاءة والمؤهلات الأكاديمية وقع الاختيار على د. سليمان علي، معبراً عن أسفه بأن عامل الخبرة لم يراعى له في عملية اختيار الوالي، مرجحاً أن ذلك عائد إلى أن المعارضين الصارخين لم تتح لهم فرصة التدرج الوظيفي، أو التعيين في وظائف تؤهلهم لشئون إدارة الدولة، توقع سليمان بأن كل الاحتمالات غير مستبعدة ما رشح بعد رحيل الوالي المُقال عن معلومات تتحدث عن ارتباط الأمر بخيارات وفرص وأنصبة اتفاق جوبا.
*قرارات غير مدروسة:*
أوضح سليمان أن العلاقة ما بين المكون العسكري والمدني لن تظهر فيها بوادر اختلاف، ووصفها بأنها علاقة مستقرة غير حادثة غياب الوالي عن زيارة رئيس مجلس السيادة الأولى إبان استرداد وتحرير منطقة الفشقة، مؤكداً بأن مبادرة د.حمدوك مبدئياً لا يرفضها عاقل ومن تهمه مصلحة البلد، مضيفاً أن المبادرة تقتلها القرارات غير المدروسة كما حدث في إقالة والي القضارف والاختيارات غير الموفقة في عضويتها.
*معاير الكفاءة والخبرة:*
قال الأستاذ مزمل بخيت أحمد رئيس حزب المؤتمر السوداني فرعية القلابات الغربية إن طريقة ترشيح واختيار الوالي هى النموذج الأفضل بشهادة رئيس مجلس الوزراء د. عبدالله حمدوك، مؤكداً أن الأزمة تتمثل في عدم الفحص الأمني الجيد، مبرهناً بأن هذا لا يتحمل مسئوليته قوى إعلان الحرية والتغيير وحدها باعتبار أن الترشيح من قبل الحرية والتغيير بالقضارف والتعيين من رئيس مجلس الوزراء والموافقة عليه من قبل المجلس السيادي، منوها أنه في النهاية أي تجربة تصحبها الاخفاقات والأخطاء، بيد أن التعامل معها بالشجاعة الكافية أفضل من التمادي فيها، مطالباً بضرورة الوضع في الاعتبار لاختيار الوالي الجديد معايير الكفاءة والخبرة في إدارة الولاية وفي كيفية معالجة المشكلات التي تواجه إنسان القضارف وفي مقدمتها حل مشكلة المياة والشريط الحدودي.
*خارطة طريق:*
أكد مزمل أن منصب الوالي مفترض أن يكون للأجدر بغض النظر عن الاتجاه أو التنظيم القادم منه الشخص، موضحاً بأن مبادرة د. عبد الله حمدوك للم الشمل لحل المشكلات ومن ضمنها أزمة الشرق، مضيفاً بأنهم كحزب يعتبرونه بداية موفقة للم الشمل والتوافق السياسي والمجتمعي على مستوى ولايات السودان، معتبراً أن ولاية القضارف في أشد الحاجة لمثل هذه المبادرات لوضع خارطة طريق واضحة لبناء وطن يتراضى فيه الجميع.
*إشراقات الوثيقة:*
أوضح مزمل أن العلاقة ما بين المكون العسكري والمدني حددتها الوثيقة الدستورية، والالتزام بها لعبور المرحلة الانتقالية، وصولاً إلى الإنتخابات، مشيراً في هذا الصدد إلى أن المكونين قيادتهم متفقة على برنامج سير المرحلة الانتقالية، دون حدوث أي خلاف، مضيفاً إذا حدث أي خلاف سيرجع كل منهم إلى قيادته العليا لحل مثل هذه الإشكاليات، واعتبر أن المجلس التشريعي من إشراقات الوثيقة الدستورية لحماية أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، مؤكداً أن تأخر قيام المجلس التشريعي نتيجة لعدم اتفاق الجميع على التمثيل مع الأخذ في الاعتبار بأن قحت تحالف عريض فمن الطبيعي أن تحدث تقاطعات، مؤكداً أنهم سيتفقون للخروج بموقف يمثل الجميع كحد أدنى من أجل المصلحة العامة.
*عقلية الشلة:*
أكد الأستاذ أنس كرزاي مشرف مكتب التنسيق والاتصال بتنسيقية لجان المقاومة بمحلية الفاو أن أزمة والي القضارف تتمثل في عقلية الحاضنة السياسية والشلة التي تسيطر على صناعة القرار، مبيناً أن القضارف تحتاج إلى والي ثوري ذو شخصية قوية خارج نطاق الشلليات وجماعة المصلحة، مستطردا إذا لم يتبدل الحال ستستمر الأزمة، مؤكداً أن الذين يريدون الحكم على ضعف د.سليمان علي على المستوى الشخصي (ما فيه كلام) وهو عفيف ونضيف وعملي، مرحجاً أن ضعف شخصيته وثقته في الشلة أفقدته ثقة المواطنين والمزارعين والأطباء وتجاوزه للثوار جعل بينه وبين أهل القضارف حاجزاً.
*تخبط:*
طالب كرزاي قحت بضرورة تقديم استقالاتهم أو استبعادهم باعتبارهم السبب في ما آلت إليه الأمور. وحمّل حزب التجمع الاتحادي إخفاء تلك المعلومة بالرغم من أن الموضوع مجتمعي عادي ولا يثبت إنتماء الوالي صراحة ولكن خصماً عليه. مؤكداً أنه من باب العدالة الأولى لقحت استدعاء الوالي قبل اتخاذ قرار سحب الثقة منه، مشيراً إلى أن ذلك يؤكد مدي تخبط قحت وقيادتها الغير جديرة بقيادة المرحلة، باستثناء البعض منهم كمثال وجدي كاروري وناجي عبد الرازق، معتبراً هذا التخبط لا يمكن من إدارة قرية ناهيك عن ولاية، مطالباً بضرورة هيكلة قحت قبل اختيار الوالي الجديد لتشيكل حاضنة مدنية مجتمعية لتفادي الفشل، بجانب وضع لائحة لتحديد شكل علاقتها مع الوالي ومعايير التدخل والعقوبات واللوائح المحاسبية، وطالب كرزاي بشدة بأن يكون الوالي الجديد من الفاو من أجل إنهاء الأنانية وتوصيل رسالة تضامنية من الجميع مع كارثة الفاو ومدى الضرر الذي حدث لها، واعتبر أن محلية الفاو هي الأكثر دخلا للولاية ولم يكن لديها إشراك على مستوى حكومة الولاية، وأكد أنه عملية الاختيار لو كانت بيده لاختار الأستاذ عابدين عبد الله عابدين من محلية الفاو القرية 19 والياً للقضارف.
*تقاطعات المصالح:*
كشف كرزاي أن الصراع حدث نتيجة للاطماع وتقاطعات المصالح هذا ما أثر على أداء الجهاز التنفيذي لحكومة الولاية، لافتاً إلى أن أي صراع سياسي يجب أن تسوده روح التنافس الحر الشريف بين كل الأحزاب والمكونات السياسية والكتل الثورية للخروج إلى بر الأمان، ولفت إلى أن الصراع ما بين المكون العسكري والمدني هو جزء من تقاعس وهشاشة الدولة عن قيامها بواجبها، مستدلاً بأن قوة المدنية في جيشها الموحد وشرطتها الموحدة وأمنها في وحدتها، موضحاً أن من أسباب معوقات التحول الديمقراطي عدم استكمال هياكل السلطة الانتقالية، مضيفاً أنهم كلجان مقاومة دوما ينادوا بقيام المجلس التشريعي والابتعاد عن المحاصصات الحزبية والتمثيل الكلي للكتل الثورية لاستكمال التحول الديمقراطي، مبيناً في حالة اكتمال هياكل السلطة سينتهي دور الحاضنة السياسية ويكون للجهاز التشريعي دور كبير في سحب الثقة من الحكومة. وهذا ما لا تريده الحاضنة السياسية، ودعا كرزاي إلى ضرورة الوضع في الاعتبار ليكون الوطن فوق الجميع. وتضحيات شهداء الوطن من أولويات المرحلة.

*إزاحة الكتل الثورية:*
أوضح الأستاذ عبد الرحيم أحمد علي ودالناظر رئيس التجمع الثوري المستقل بالولاية أن أزمة والي القضارف ليست أزمة كوادر واختيار بقدر ما هي حلقة من حلقات تآمر المؤتمر الوطني على الثورة، ولفت إلى أن المؤتمر الوطني استخدم الوالي المُقال ليخترق الثوار الذين لا علاقة لهم بالسياسة، ووصفهم بأنهم المغيبيين لثلاثة عقود.
مضيفا أن الثورة كانت ثورة شباب لا علاقة للكتل السياسية بها ولا دور لهم على الأقل في محيط الولاية، واعتبر الحرية والتغيير نفسها مخترقة بكوادر المؤتمر الوطني.فقد أحكموا قبضتهم على المجلس المركزي وعلى إزاحة الكتل القوية من المشهد السياسي، معلنا إذا لم تطهر هي الأخرى من دنث الكيزان فسوف تنتج والياً موالي للمؤتمر الوطني مرة أخرى.
*رفض:*
أوضح ود الناظر أن القضارف بعيدة كل البعد عن محاور الاغتراب السياسي الشرقي فساستها رفضوا الاعتراف بمخرجات مؤتمري سنكات وتلكوك، وقالوا كلمتهم القاطعة بالرفض، باعتبار أن مسار الشرق صنف أهل القضارف بالوافدين، منوها أن ذلك قاد لإفشال مخطط قادة مسار الشرق لاحتواء والي القضارف المُقال والسيطرة على إدارة الولاية، مؤكداً أن مبادرة د. عبد الله حمدوك سترفض لأنها محاولة لإقحام منسوبي النظام البائد في المشهد السياسي مجدداً، قائلاً إذا كانت المبادرة قد لامست القضايا الخلافية،أو ستكون بديلة لمنبر الشرق ستكلل بالنجاح. مؤكداً بهذه الوضعية سقوط البروتكولات الموقعة في جوبا في امتحان احتواء الأزمات.
*لا وزن ولا ثقل:*
وأكد ود الناظر أن المكون العسكري لا وجود له البتة في المشهد منذ مغادرة الوالي نصر الدين لموقعه، وشدد على ضرورة تشكيل المجلس التشريعي لحل المشكلات التي تواجه الولاية، واعترف بأن معظم أحزاب مكون الحرية والتغيير لا وزن ولا ثقل لها، وأوضح أن المجلس التشريعي استحقاق انتخابي من العار أن يعطى بالترشيح، أو الاختيار في زمن الحرية على حد تعبيره.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى