أخر الأخبار

ايام ذهبية ومجد باذخ في عهد بابو نمر والعمدة النعيم وحرقاص

 

بقلم: البخيت النعيم

الإدارة الأهلية كانت تمثل موروثا ومكونا ايجابيا

حقا الإدارة الأهلية ، كانت تمثل قيما وموروثا ايجابيا ، يمكن أن تبنى عليها الإدارات المدنية وتستوعبها ضمن منظومتها من أجل استقرار المجتمعات المحلية والرعوية . وقد ساهمت الإدارة الأهلية في تنظيم عمليات الزراعة وفض النزاعات المتعلقة بالاراضي وتنظيم عملية حركة الرعاة ومساراتهم وحققت التعايش والسلم الاجتماعي والتاخي القبلي، في أثناء الحوار والجدل فى بعض المؤتمرات والورش واللقاءات، لفت نظرى جمهرة من شيوخ المنطقة، يتحدثون بصوت عال (يا حليل زمن الناظر بابو نمر والعمدة النعيم عمر والعمدة حرقاص مريدة) .كان ذلك فى ابيى والمجلد والفولة وبابنوسه والخرطوم ، حيث كان للإدارة الأهلية هيبتها ورمزيتها واحترامها وسلطاتها الإدارية والقضائية وكانت تعتمد علي نفسها ولها استقلاليتها واعرافها. لذلك كانت تهابها و تحترمها الحكومات ولا تستطيع تسييسها مثلما كانت تحترمها القواعد الشعبية وتطيع توجيهاتها بشكل طوعى ، والسبب الجوهرى، لتلك الطاعة الواعية ،كانت زعامات الإدارة الأهلية نظارا وعمدا وسلاطينا ومكوكا وشراتي وشيوخا، كان يتم اختيارهم عبر شورى شعبية وكانت مواصفات وشروط الزعيم تتم بمعايير ومقاييس صعبة جدا على راسها مكانة الزعيم الشخصية وسط القوم وامانته ونزاهته وسلوكه الشخصى والاجتماعى وان لا يكون ارتكب أخطاء أخلاقية وكذلك قدرته المالية وثروته ومدى كرمه وشجاعته.واستقلاليته ،
وقد سمحت لى الظروف ان اعايش زعامات نادرة لها اثرها الادارى و السياسى والاجتماعى ، أمثال الناظر بابو نمر والعمدة النعيم عمر والعمدة حرقاص مريدة والعمدة حماد عبدالجليل والناظر علي نمر والعمدة حماد غلو والعمدة مسلم ابو القاسم والزعيم بريمة النور تورجوك والشيخ عثمان الشبكة بلل الذي اقترح فكرة الضباط السيارة للدكتور جعفر محمد علي بخيت و كتب بعض الروايات الشفهية عن العمدة حرقاص مريدة والناظر دينج مجوك.
وقد شهدت عددا من العمل الإدارى والمحاكم القضائية والعرفية وبعض جلسات مجالس الشورى وخواطر ولحظات باقية، في المجلد وابيي وبابنوسة والفولة ولقاوة والميرم والدبب والتبون وكجيرة و وبحر العرب وبلدة البيضا، ولقاءات في امدرمان في الحارة التاسعة حيث كان يسكن الناظر بابو نمر .وفى امدرمان الواحة حيث كان يسكن الناظر على نمر،
شاهدت كيف كانوا يديرون امور اهليهم بحنكة وحكمة وعدالة وبصبر وجلد عجيب، كانت جلسات ،المصالحات و الحوارات والنزاعات لابد أن تفضى لحل وفاقى يرضى الأطراف. كانت كلمة الحق يقولونها مباشرة والكرم صفة عامة . كانوا يحترمون الكبار والصغار والمرأة. لذلك كان في ذلك الزمان استقرار النسيج الاجتماعي والاعراف كان الظل الادارى حاضرا والجريمة كان يؤرخ لها بالسنوات . كانت كل المجموعات القبلية في بحر العرب تعيش حالة تعايش سلمي وتأخي قبلي وكانت رحلات الرعاة من الشمال الي الجنوب والعكس تسير وفق نمط اجتماعى وثقافى فريد، مثلما كان المزارع لا يخاف على مشاريعه الزراعية.
وقد وثق لمنطقة المسيرية ودينكا نقول كثير من المؤرخين والباحثين والاداريين علي رأسهم الباحث البريطاني مستر كنسون ود. جعفر محمد علي بخيت صاحب فكرة الضباط السيارة والخبير الدولي علي جماع ود. فرنسيس دينج والأستاذ عبدالرسول النور ود .سليمان محمد الدبيلو والناظر حريكة عزالدين والضابط الادارى سلمان الصافي الذى كان أحد الضباط السيارة في منطقة المسيرية والذي كان يرافق قبيلة المذاغنة.والفضلية.

لمحات عن الناظر بابو نمر

هو زعيم تاريخى وناظر عموم المسيرية، ومن أهم الزعماء الذين كان الانجليز يخافونهم ويضعون لهم حساب وايضا الناظر علي التوم ناظر الكبابيش وناظر الرزيقات مادبو.وناظر رفاعة ابوسن والسلطان دينج مجوك سلطان دينكا نقوك والناظر منعم منصور ناظر دار حمر وغيرهم .
الناظر بابو نمر من المسيرية الحمر (العجايرة) ومن قبيلة اولاد كامل ولد بمدينة المجلد عام ١٩١٠ وهي المدينة التي تبارى في تسميتها أهلها وشعرائها وحكاماتها وقد اسموها دينقا ام الديار ودار ابو سلمان وقريقه وهي حقا غرقة بالماء والبترول وهي مدينة جميلة محاطة بغابات من أشجار التبلدي والطلح والهجليج وأم قاتو ومحاطة برهود مائية كبيرة واودية، ويدهشك منظرها في الخريف ومن طرائف الناظر بابو نمر عندما عاد من بريطانيا من مدينة لندن سأله عرب المسيرية عن لندن ، قال لهم انها “دينقا ام الديار في الخريف” اي المجلد في الخريف.
والمجلد هى المدينة التى خرج من جلبابها ،عشرات المدن والقرى . وهى المدينة التى زاوجت بين الاصالة والمعاصرة،
نشأ الناظر بابو نمر تحت رعاية جده الشيخ علي الجلة قائد الثورة المهدية المشهور وقد تقلد بابو نمر نظارة المسيرية ١٩٢٤م وعمره لم يتجاوز ١٢ عاما كان أول زعيم قبيلة ينشا مجلسا للشورى، ضم كبارات رجالات القبيلة على رأسهم العمدة النعيم عمر والعمدة حرقاص مريدة والعمدة حماد عبد الجليل والناظر علي نمر والناظر الدرديري نمر والعمدة ابو القاسم موسى والعمدة حماد غلو وبعض العلماء والمعلمين للمعرفة الدينية والدنيوية ،كانت من صفاته انه حكيم العرب وجراب راى وكان يمتاز برجاحة العقل والرآي والنكتة وكان خبيرآ بأنساب القبائل وأصولها وفروعها خاصة هجرة المسيرية من الجزيرة العربية والمغرب العربى وجذورهم الجهينية، في عهده كانت المسيرية قبيلة قوية وثرية بدليل تبرعها في الحرب العالمية الثانية 1939م بألفي رأس من البقر.
وما يحسب للشيخ والناظر بابو نمر توحيده للمسيرية الحمر والزرق عام 1943م كان الناظر بابو نمر من الشخصيات الوطنية كان عضو المجلس الاستشاري شمال السودان وعضو الجمعية التشريعية وعمل من أجل نوحيد الصف الوطنى خاصة في مؤتمر جوبا عام 1947م حيث وقف ضد مشروع فصل الجنوب عن الشمال الذي كان تقوده الادارة البريطانية.
كان عضو وفد الاستقلاليين الذى ذهب بريطانيا لمفاوضة الحكومة البريطانية، حول استقلال السودان. وكان عضو الوفد الذي سافر الي القاهرة لمفاوضة حكومة نجيب الهلالى حول مبدأ الاستقلال وقد فاز الناظر بابو نمر بعضوية مجلس الشيوخ اول برلمان سودانى. ومن إخوانه الناظر علي نمر والدرديرى نمر و ومن أبناءه الفريق م. مهدي بابو نمر رئيس هيئة الاركان السابق والمقدم جبر بابو والمحامى نمر بابو والدكتور عاصم بابو والاقتصادى كامل بابو والأستاذ الصادق بابو والمهندس حيدر بابو وغيرهم من الابناء والبنات وقد تزوج الناظر بابو نمر من عدد من القبائل فى المنطقة ومن امدرمان والأبيض. وقد توفى الناظر بابو نمر فى ١٧ مايو عام 1982م ويوجد ضريحه بمدينة المجلد.بولاية غرب كردفان .

لمحات عن العمدة النعيم عمر :-

ولد العمدة النعيم عمر احمد بمدينة المجلد عام 1904م وهو عمدة قبيلة الفضيلة “بكر العجايرة” ومن المعروف عنها الكرم والشجاعة والمحنة، كما وصفهم الناظر بابو والزعيم عثمان الشبكة والصحافى أحمد عبدالله مارن ، وقد استبسل اهل هذه القبيلة في الثورة المهدية خاصة معركة كررى والتي استشهد منها99مجاهدآ.
نصب العمدة النعيم عمر كزعيم للقبيلة عام 1937م بعد منافسة قوية مع مجموعة من زعامات القبيلة ، حيث كان هنالك مجلسآ من المفتشين البريطانيين ونظار القبيلة والعمد وشخصيات وشيوخ.
وقد تميز العمدة النعيم عمر عن الأخرين بالحكمة والأقدام والصبر والثروة، حيث ادار شؤون قبيلته لأكثر من 42عامآ وفق سلطات ادارية وقضائية.وعرفية .
وقد كتب عنه الباحث والصحفى احمد عبدالله مازن في صحيفة الايام بعد وفاته عام1979م بامدرمان وقال انه العمدة الذي لم يدخل رعاياه السجن منذ ان نصب عمدة، وقد اختارت القبيلة ابنه العفيف النعيم في ربع ساعة فقط ،مما بؤكد اجماع ورضاء الاهالى عن هذه العائلة. وقد وثق له البروفيسور عون الشريف قاسم في موسوعته انساب القبائل.كما كتب الأستاذ عبدالرسول النور عن العمدة النعيم وأسرته، وقد خاطب الإمام الصادق المهدى العزاء فى امدرمان ،وقال انه العمدة الذى زواج بين الاصالة والانصارية واحد قادة الإدارة الأهلية فى ديار المسيرية .
كان العمدة النعيم عمر عادلآ بين اهله ومتواضعا بلا ضعف وقويا بلا غرور ومنصفآ لحقوق المرآة حيث كان يخاطبها
في المحكمة “قومى يا السمحة قولى كلامك” اتخذ العمدة النعيم عمر من المجلد وبحر العرب وابيى و بلدة “البيضا، ، مركزآ لعمودينه ،البيضا تقع جنوب المجلد وبالقرب من وادى شلنقو وهي بلدة محاطة بغابات ورهود مائية واراضى زراعية تحد فيها كل انواع الحيوانات والطيور لذلك كانت ، تجمعآ للمناسبات والأعياد الوطنية والدينية والاجتماعية وكانت مركزآ لسباق الخيل حيث كان العمدة النعيم عمر يهوى الفروسية ويمتلك انواع من الخيول ،والثروة الحيوانية ، كان ابقاع الحياة جميلآ وعجيبآ وغنيآ وكان التكافل الأجتماعي جزءآ من مفردات الحياة العامة كان فقير القوم يمتلك زرعآ وعددآ من الانعام… كان الهداى والحكامة يحفزان القوم علي الشجاعة والتضحية والكبرياء وقيم الجمال..والسلام ، كان عندما تسمع انغام الرباب العربى وايقاع المردوم وسمفونية ‘الجنزير التقيل، مقرونة بأصوات القمارى وخرير المياه من وادى شلنقو المتدفق نحو خور ابوحبل يدهشك المشهد البديع وثراء الطبيعة ومجد القوم.
العمدة النعيم عمر شخصية متفردة في كل شي وقد تبارى فيه الشعراء والحكامات ومن ابنائه العمدة العفيف ورحومه وعلى ورحمة الله ومحمد وعمر واحمد والبخيت وحسن والدرديرى واستاذ الجبل مصطفى النعيم والذي اشاع نور العلم في شمال وجنوب وغرب كردفان وابيى والمجلد وأبو بطيخ ومن تلاميذه عبد الرسول النور ود جلال يوسف الدقير. ود عبدالله عبد الكريم والدكتور عبدالكريم القونى والناظر كوال دينج مجوك والمذيع اروب بقت ودكتور مانتوج وقد لعب الأستاذ مصطفى النعيم وحسن محمد عامر دورا كبير فى تعليم أبناء ابيى فى خمسينات القرن الماضى ، ومن اخوان العمدة النعيم الشيخ الورع رحمة الله ورحمة عمر ومحمد المهدى وحسبو والرحيمة،
بعد رحيله ،خلفه المرحوم العمدة العفيف النعيم ثم العمدة خالد مصطفى النعيم ،وانقسمت العمودية لاحقا إلى عمودتين إحداهما يقودها العمدة حمدالله عبود.

لمحات عن العمدة حرقاص مريده

..
ولد العمدة حرقاص مريده عام 1905م بالمجلد وهو عمدة قبيلة المذاغنة وقد رافقه مستر كنسون في رحلاته، وقد وثق له وهو زعيم قبلى له قدارت ادارية وعلاقات اجتماعية واحلاف متميزة مع مشيخيات دينكا تقوك خاصة الناظر دينج مجوك، وقد اهتم العمدة حرقاص مريدة بتعليم عشيرته منذ وقت مبكر حيث يعتبر ابنه نمر حرقاص من كبار الموظفين في مجلس ريفى المسيرية، وايضآ ابنه الاستاذ والباحث شمو حرقاص والذي درس وزير الخارجية السابق دينج الور في مدينة الفولة، ومن أبناءه على حرقاص واخرون ومن بناته الاستاذة فاطمة حرقاص ومن العائلة الاديب الكبير والشاعر فضيلى جماع والخبير الدولى علي جماع والعمدة يحيى جماع والأن يدير شؤون قبيلة المذاغنة العمدة الصادق حرقاص ومن احفاده العميد جمال نمر والمقدم محمذ شمو الاستاذ ابوالقاسم جديد..وغيرهم .
وقد توفي العمدة حرقاص مريدة عام 1970م بين أل العمدة النعيم والعمدة حرقاص والناظر بابو نمر والناظر على نمر والدرديرى نمرعلاقات اسرية سرمدية.
أنها خواطر وذكريات وشارات،باقية لماضى حى ،لرجال عظماء مشوا خطى حياتهم وقدموا تضحيات ،من أجل الوطن والمنطقة والاهل،وتركوا لنا اثرا منيفا.

بقلم البخيت النعيم عمر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى