أخر الأخبار

المياه والأزمة المناخية .. الفيضانات في السودان

علاء عبدالرحمن يوسف

”إنّ الماء هو أساس وجود الحياة على كوكب الأرض”
يعتبر السودان من أكثر الدول هشاشة للتغيرات والظواهر المناخية المتطرفة حيث أن السيول والأمطار التي يشهدها السودان الآن هي جزء من أزمة المناخ العالمية التي يشهدها العالم الآن ففي الوقت الذي تعاني فيه مناطق واسعة في أوروبا من شح حاد في المياه ففي فرنسا قل منسوب نهر اللوار الي ادني مستوي له من سنوات وعانت بعض القرى في اسبانيا وفرنسا من انعدام مياه الشرب كل هذا وغيره من الظواهر المناخية المتطرفة التي يعاني منها العالم هي جزء من تأثيرات التغير المناخي على قطاع المياه في مناطق متفرقة من العالم وهذا ما سيغير خارطة العالم في السنوات المقبلة وسيزيد من التنافس حول السيطرة على مصادر المياه الصالحة للشرب كما ستعمل الدول على سياسات ترشيد استهلاك المياه في المستقبل.
وبالعودة إلى قضية السودان فإن السيول والفيضانات في مناطق واسعة من وسط السودان “الجزيرة ونهر النيل” هي نتاج لكميات الأمطار الغزيرة التي شهدتها الهضبة ومنابع النيل في شهر أغسطس الحالي , وهي المرة الأولى التي تهطل فيها أمطار بهذه الكميات الكبيرة منذ سنوات حسب ما ورد في تقرير الجمعية الأمريكية للطقس. سيكون لهذا الأمر تأثيرات متفاوتة على سكان المناطق المنكوبة إذ تنقسم الى تأثيرات قصيرة الأمد وهي المتمثلة في الأمراض مثل الملاريا والكوليرا وهي أمراض لها خطورتها في ظل غياب الدولة وانعدام الإمكانيات في المناطق المنكوبة أما تأثيرات السيول والفيضانات على المدى الطويل فهي تتعلق بسبل كسب العيش حيث قضت السيول على مساحات زراعية كبيرة وتأثرت الثروة الحيوانية بها وهو ما يؤثر بصورة مباشرة على معاش الناس وسبل كسب عيشهم وقد يقود إلى نقص حاد في الغذاء.
مناطق مختلفه في غرب السودان شهدت هطول كثيف للامطار مثل محلية أبو مطارق بشرق دارفور التي هطلت فيها كميات كبيرة من الأمطار أغرقت مناطق سكنية واسعة واتلفت المزراع في وحول المحلية , أما أم دافوق جنوب دارفور التي شهدت أمطار بمعدلات غير مسبوق ادت الي انهيار سد الوحيد بالمنطقة التي يعتمد عليه السكان كمصدر لمياه الشرب والزراعة بالإضافة إلى الثروة الحيوانية في فترات ما بعد الخريف.
يحتاج السودان إلى التعامل الجاد في مع الظواهر المناخية المتطرفة كارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وزيادة كمية هطول الأمطار في الخريف والندرة في المياه الصالحة للشرب في فترات الصيف وذلك لما لها من تأثيرات على صحة الإنسان ومعاش الناس وبالأخص في المناطق الريفية الأكثر هشاشة ومناطق النزاعات كما تساهم تأثيرات هذه الظواهر على الهجرات والنزوح الداخلية لفقدانهم المصادر الرئيسية للحياة.
تُعتبر الامطار أحد أهم مصادر المياه على سطح الأرض، فهي الرافد الرئيس للبحيرات والأنهار والمياه الجوفية ولكن قد يصبح هذا المصدر غير آمن في المستقبل فبحسب دراسة حديثة أجرتها جامعة ستوكهولم في السويد اظهر ان مياه الامطار لم تعد صالحة للشرب “في كل مكان على وجه الأرض” بسبب احتوائها على مواد كيميائية خطرة، تسمى “مواد الإكليل المشبع بالفلور ومتعددة الفلور” Perfluoroalkyl وPolyfluroalky Substances أو ما يُعرف اختصاراً بـ “PFAS”. وقالت الدراسة إنه من الصعب تحديد جميع الآثار الصحية طويلة الأمد للتعرض لمواد “PFAS”، لأنها تشمل العديد من المركبات المختلفة، مؤكدة أن انتشارها يشكل خطراً على صحة الإنسان. وتقول الخبيرة البيئية، فيفي كلّاب إن مواد “PFAS” تستخدم في العديد من الصناعات، مثل تغليف المواد الغذائية والإلكترونيات ومستحضرات التجميل، وهي تنبعث في الهواء من المعامل أثناء عمليات التصنيع، ومنها تصل إلى الغلاف الجوي، لتعود الى الأرض على شكل “أمطار حمضية” تتسرب إلى المياه الجوفية ومياه المحيطات، وبالتالي فإن السماء تعيد سموم البشر للأرض مع الأمطار. وتضيف أن الباحثين وجدوا أن هذه الامطار قد انتشرت في جميع أنحاء الغلاف الجوي وحتى الأماكن التي كانت تعتبر نقية مثل القارة القطبية الجنوبية أو أنتاركتيكا، مما يعني أن نوع التلوث هذا يأتي من أماكن بعيدة وتحمله الغيوم وتذهب به الى كل الكرة الأرضية.
هشاشة السودان للتغيرات المناخية وانعدام القدرة على الصمود وضعف المؤسسات الحكومية وغيابها في بعض المناطق وتفشي الفساد سيفاقم من وضع المناطق المتأثر بالكوارث الطبيعية.
يجب الإعلان أن السودان أصبحت منطقة كوارث طبيعية للمساعدة في إيجاد حلول وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وذلك لتفادي المشكلات الصحية والبيئية التي تنتج عن هذه الكوارث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى