أخر الأخبار

الحكمة و الوعي الموجود! في مأساة آل سردار نتكلم!

 

الجزء الاول من العنوان حتى علامة التعجب، مقتبس بشيئ من التعديل الطفيف من كتاب: جبال النوبة: الحكمة و الوعي المفقود للاكاديمي اللامع د. حامد البشير ابراهيم، و ملخص فكرته ان الحرب و الموت و الدمار و تهتك النسيج الاجتماعي و انفراط عرى التحالفات القبلية و ممسكات التعايش السلمي التي سائدة بين المجتمعات في جنوب كردفان، لم تتعرض للانهيار إلا بسبب: “حكمة غائبة ووعي مفقود” لقيادات تلك المجتمعات! و لكن ما تضمنته الجملة و ربما صعب على الكثريين منا فهمه، ان غياب الحكمة يعني وجودها من قبل، و لربما بقليل من الجهد سوف يتم استدعائها مرة اخرى لتمشي بين الناس!!
و اليوم قلب اهلنا الرواوقة العنوان، و اثبتوا للعالم ان الحكمة عادت بعد غياب، لتجد وعيا موجود و متجذر في نفوس القوم.
نعم، الفقد جلل، و المصاب كبير، و الوضع مأزوم، و لكن عزم الرجال و قوة الارادة و الحكمة حالت دون وقوع المحظور.
في مراسم الدفن التي تقاطرت اليها جموع الشباب حيث قدر عدد المشيعين بأكثر من ستمائة فرد، اغلبهم من الشباب غض الاهاب، امتلأت بهم ساحة مقابر الاحياء الشرقية، تواجدوا خلف الجثامين بأزياء مدنية خلت من اياديهم حتى الاسلحة التقليدية كالسكاكين و العصي، إلا عند قلة قليلة من اتوا من الفرقان البعيدة، يتمنطقون اسلحتهم للدفاع عن النفس، و لم يزيدوا عن الاثنان. كان رابطي الجأش و في صبر كبير، لا تسمع إلا همس ذكر او استغفار او صلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم، ظلوا هكذا حتى تم الدفن و الترحم عليهما بإيمان كبير. بعيد الدفن انبرى العمدة: عثمان مريمي، و هو عمدة القتيلين، و عمهما، انبرى مخاطبا الجموع بلهجة متسامحة و مطمئنة، و نفس مؤمنة و راضية، و لسان يلهج بذكر الله، و بعد ان ترحم على الموتى، و شكر سعي الناس، استغغر الله، ثم صلى على النبي، ثم قال:
“انا بشكر الشباب شكر شديد لوقفتهم الصلبة و ايمانهم الكبير و مسكهم لانفسهم من الانزلاق للعنف و التأر. و سمعت انكم قلتوا ماشين مظاهرة احتجاج للوالي، و دا شعور طيب و من حقكم تتملوا كدا يا عيالي، لكن المراحيم ابوهم يا توا ما وصل، هو اتحرك من الفريق و جاي في الدرب! و انا في رأي، ما نسوي كلام و هو مافيا. نرحا دما يجي و نواسي في عيالة، و بعدا كن فيا كلام نقولا. و بعدين باكر الحكومة كلها بتج الفراش، الوالي و اللجنة الامنية، هناك كن في اي زول عندا كلام يسمعا للوالي و حكومتة. و لحدي باكر، نكون واعيين و حذريين، و ما نتصرف أي تصرف بعدين يمسكونا بيا، دا كلامي” انتهى الاقتباس!!
بعدها قبل الجميع، و توجهوا نحو المأتم
لله درك يا عمدة، و لله دركم يا رواوقة!! لم تغب الحكمة، و لم ينعدم الوعي، في اصعب لحظة تواجه الانسان، و كان نهار اليوم يوم اسنثنائي لمدينة كادوقلي، رغم ان القلوب قد بلغت الحناجر و ظن الناس بالله الظنونا! و ما كان سببا في امساك الناس عن العنف المتوقع، ان اهلنا في احياء: كلبا و مرتا، رغم قطعهم للشارع العام، إلا ان شهود العيان ذكر اننم تداعوا شيبا و شبابا لحماية القتيلين من القتل، سيما اسرة المرحوم “برنجي”! فقد فعلوا كل ما بوسعهم لحماية القتيلين، و ادخلوهم في دكان، إلا ان يدر الغادر الذي كان يحمل سلاحا قد ضغطت على التتك و اردتهما قتلى، و ان القاتل متردد قتل و سفاك دماء، و في هروب من الخدمة العسكرية. وصلت هذه المعلومة للاهل الرواوقة و كانت لها وقع طيب في نفوسهم. فالامر بدأ واضحا بعدها، هو تصرف فردي من جندي هارب من الخدمة، و بالتالي يجب ان لا تؤخذ به المجموعة. رغم اني بالامس شهدت بنفسي ما كتبته لكم مما سمعت و مررت به كتجربة شخصية، و قلت ان الانزلاق قاب قوسين او ادنى من الوقوع!!!
حتى الان، عصمت الحكمة، و توفر الوعي من جانب اهلنا الرواوقة، عصمت كادوقلى نهار اليوم من الانزلاق للاقتتال الاثني، و لكن ماذا عن الغد!! سوف احاول و الاخريين التواجد بين الناس، و الدفع بهم بعيدا عن الانتصار للنفس الامارة بالسوء و سوق الناس نحو مرافئ التهدئة و حصر الضرر في اضيق نطاق!! و للحرب نقول ممنوع المرور:.
و ما الحرب إلا ما علمتم و ذقتم: و ما هي عنها بالحديث المرجم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة: تضر اذا ضريتموها فتضرم
فتعرككم عرك الرحى بثفالها: ثم تلقح كشافا فتتئم!
من ابيات للنابغة الزبياني
أبورمزي؛ أحمد الحسب عمر
كادوقلي

في نمرة
بلغني ان والد القتيلين قال كلاما ينم عن ذرية رجل صالح، عركته التجارب!!
احتسب اباءه شهداء عند الله، و قال في درب عيالي ما بخرب القبيلة

دكتور أحمد الحسب أبو رمزي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى