صناعة “الأزيار”.. معاناة الفقراء لروي عطش الإنسان
تقرير : عبد الوهاب ازرق
الثقافة المادية السودانية ، والفلكور زاخرا ، بتنوع في الأشياء المادية السودانية خاصة ومسجلة بماركة صناعة محلية، ومن توجد في معظم البيوت السودانية، ومن هذه الصناعات، الأزيار وهي لا غنى عنها في الحياة اليومية ، ننهل منها ، ونروي عطشنا ، حتى الطير تشرب من نقاع الزير ، في صورة متاصلة في الشعر السوداني ، ورسمت ابعاد لوحة سريالية ، والزير لا يخلو من كل بيت سوداني ، ولكننا نغفل كيفية صناعته وما يعانيه صناع الازيار ، بملامحهم السمراء ، وهم الغبش التعاني في هجر الشمس ، ولهيب النار ، في الصناعة ، وانتظار الرزق من رب العباد الواحد الجبار.
ملمح خاطف
والقافلة الاعلامية من القنوات الفضائية والإذاعات ، والصحف ، والمواقع الإلكترونية ، تتجه إلى مدينة الابيض ، توقفت بمدينة ام روابة لمعالجة اطارات العربات ، عند المخرج الجنوبي لمدينة ام روابة ، عند تعرج طريق الاسفلت ، وعلى الجنوب من غابة النيم ، تراءى للجميع منظر خاطف لتراص مجموعة من الازيار ، وفي افادات جمعت مادة عن صناعة الازيار.
رحلة البحث عن الرزق
في حوارات جانبية ، عرفت أن الذين يعملون في حرفة صناعة الازيار بمدينة ام روابة بشمال كردفان قادمين من ولاية جنوب دارفور ، وانهم أسرة واحدة ، تقطن بنيالا الحارة السادسة ، وانهم اهل ، واسر متفرعة ، أتت بها ظروف الحياة للبحث عن الرزق.
تجميد الدراسة
حكت الطالبة ” ز. ب . ھ” قصتها فقالت انها قادمة من مدينة نيالا ، وتدرس بالصف الثاني ، المرحلة الثانوية ، لكنها جمدت الدراسة للظروف الاسرية ، ومعها والدتها ، أما الوالد وبقية الاسرة بنيالا ، لافتة انهن جميعا اهل.
واقع أليم
تقطن الاسر جميعها في رواكيب صغيرة مشيدة بمكان صناعة الازيار ، التي يطلقون عليها مصانع ، وفي المساء ينامون في راكوبة واحدة كبيرة ، وتلاحظ بينهم اعداد كبيرة من الأطفال في عمر المدرسة ، لكن بظروف الحياة جعلتهم خارج المدرسة . وقالت احداهن ، انهن قرابة المائة فردا ، وليس بينهن رجال ، فقط نساء واطفال.
صناعة مرهقة
تشبه صناعة الازيار صناعة دق الطوب الاخضر ، والمواد المستخدمة نفس المواد ، وهي الطين الاخضر ، روث الحيوانات ، نشارة الخشب ، وتشترى الجوال بمبلغ “500” جنيها ، من تجار ياتون بها للمصنع . وافادت “ز” في اليوم يتم صناعة نحو “10” ازيار، أو أقل.
تفاوت الاسعار
توجد مقاسات ، وأحجام مختلفة للازيار ، تتراوح اسعارها بين 2000 – 2500 جنيه ، كما توجد أدوات الجبنة بكل انواعها ، بصناعة فخارية مزركشة ، ومتعددة الاشكال ، والألوان . وكشفت “ز” ، أن معدل البيع في اليوم بين 4″- 5 ” زير ، فيما احيانا يأتي التجار ويشترون بين 10 – 15 للتاجر الواحد.
رحلة العودة
كشفت “ز” مع دخول الخريف نعود الى نيالا بجنوب دارفور ، عبر البصات ، لنلحق بالزراعة ، التي هي الحرفة الأخرى نمارسها في الخريف.
رسالة ونداء
طالبت احداهن بأن اوصل رسالة الى الجهات المختصة بحوجهتن الى المشمعات ، والسكن ، لجهة انهن يسكن في رواكيب.
نتمتع بشرب الماء البارد عبر الزير في ثقافة سودانية فريدة ، تحترفها اسر فقيرة ، وشرائح ضعيفة ، مبدعة في عملها ، ومكتسبة رزقها الحلال.