أخر الأخبار

*صناعة الكراهية في أبوجبيهة . . الأسباب والدوافع*

 

الاستاذ فضل الله مختار المحامي

 

الحلقة الأولى

 

كان الذهب وما زال منذ الأزل البعيد أحد الأسباب الرئيسية في الحروب والنزاعات والغزو العابر للحدود أحيانا، ومجتمع أبوجبيهة مثل سائر مجتمعات السودان مجتمع يقوم على حرفتي الرعي والزراعة، وعلاقات الإنتاج في هاتين الحرفتين علاقات بسيطة وغير معقدة، وكانت الأعراف والتقاليد التي انتجها التعايش قادرة على السيطرة واحتواء المشكلات التي قد تبرز بسبب هذا التعايش، غير أن دخول شركات التنقيب عن الذهب في المنطقة قلب موازين التعايش الموروث، وخلق علاقات انتاج خاصة به أثرت تأثيرا بالغا في قدرة الأعراف والتقاليد في الاستجابة لهذه العلاقات الجديدة كلياً وتنميطها واجتراح حلول تتواءم معها، هذا، إلى جوانب دوافع أخرى بعضها سياسيا، شل قدرة الادارات الأهلية في المنطقة على التعامل مع علاقات الإنتاج الجديدة المرتبطة بالأرض، والتي تتطلب نمط تفكير غير مأزوم وغير مرتبط بأجندات سياسية ومصلحية، في اطار المصلحة الشخصية وليس الجمعية للمجتمع، بالاضافة الى كل ذلك فإن التشريعات المركزية المتعلقة بإنتاج الذهب والتي سمحت للشركات التعامل مع المواطن بشكل مباشر تحت ذريعة المسؤولية المجتمعية، كانت الحاضنة التي تفرخ فيها التفكير المأزوم، وهو في جوهره تفكير اقصائي عدمي غير قادر على احتواء علاقات العمل التي استوردها أصحاب العمل الباحثين عن الذهب بأي ثمن حتى وإن قاد ذلك إلى هلاك المجتمعات المحلية وتشظي بيئاتها الجيو اجتماعية والجغرافية.

في الاقتتال الأخير في مدينة أبوجبيهة والذي جاء نتيجة تراكم وقائع مرتبطة بالتفكير المأزوم، يعيد البعض سبب الاقتتال والاحتراب العبثي الى سبب مباشر هو سرقة ونهب أبقار من حي جبرونا، غير أن هذا السبب ما هو الا عرض من أعراض التفكير الشائه والمأزوم وليس سببا من أسباب الفتنة سيؤدي مستقبلا إلى نتائج لم يجد أصحاب التفكير المأزوم وقتا في توقعها وتوفير عوامل علاجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى