أخر الأخبار

صناعة الكراهية في أبوجبيهة . . الأسباب والدوافع الاستاذ فضل ابله مختار المحامي

الحلقة الثانية

قلنا أن هناك عاملان رئيسيان لهما الغلبة في تأجيج الصراع/الفتنة في أبوجبيهة، الأول يتمثل في دخول علاقات انتاج جديدة في المنطقة والثاني يتمثل في عجز التقاليد والأعراف المحلية في احتواء الموقف، فالشركات في سبيل تعظيم إنتاجها ربطت الايفاء بالمسؤولية المجتمعية بشرط الحماية، حماية مواقعها وموظفيها وآلياتها، وقد وجد أصحاب التفكير المأزوم في الحملة الشعبية المناهضة للسيانيد التي انتظمت المنطقة منذ ما بعد العام 2012، ضالتهم المنشودة، فأصبحوا يلوحون بها باعتبارها خطرا ماحقا على الشركات، بهدف السيطرة على (المسؤولية المجتمعية)، مع أن الحملة المناهضة للسيانيد اتسمت بالعلمية والموضوعية واتبعت الاجراءات التي يكفلها القانون، ولهذا فإن المسؤولية المجتمعية التي يجب أن تهتم بتقديم خدمات جمعية للمجتمعات المحلية، كهرباء ومياه ومدارس ومصحات . . الخ، لن تجد لها أثرا يذكر في تلك المجتمعات حتى يومنا هذا، وكان يجب أن تدخل في ميزانية الدولة لتتحول بعدها إلى خدمات بائنة، لذلك فإن دخول المجتمعات كمشرف على المسؤولية المجتمعية ولّد الكثير من الحسد والغيرة حتى في المكون الإثني الواحد، كل ذلك أضعف من سلطان الدولة لصالح سلطان القبيلة، وأصبحت كل قبيلة تحمّل القبيلة الأخرى مسؤولية حدوث عمليات نهب وسرقة وغيرها يقترفها عناصر من القبيلة الأخرى، وتدريجياً تحولت مسؤولية القبض على الجناة من سلطان الدولة إلى سلطان القبيلة، وأوضح هذا عدم قدرة القبيلة على ممارسة سلطان الدولة على أفرادها، إما بسبب خطورتهم الإجرامية أو عدم الرغبة في ذلك، مع أن عامل الخطورة الإجرامية أوسع حظاً في رأيّ.
بالاضافة الى كل ذلك فإن دخول الأجندات السياسية والمصلحية إن لم سببا مباشرا في تأجيج الفتنة فإنها على الأقل زادت من سعارها وتمددها الجغرافي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى