تجارة الحدود بإقليم دارفور، الحقائق الماثلة

تقرير : زمزم خاطر

الهشاشة الأمنية والبوكو حرام ، تحديات جسام ..

_ تجارة الحدود بين مطرقة الفساد والتهريب وسندان التقنين..

الطرق والبنى التحتية..

المؤسسات العسكرية (العائق الأكبر) ..

(الدولار الجمركي) معادلة مختلة الموازين..

القوقو ..

آمال عراض رسمها مواطنو إقليم دارفور بعد التصريحات التي أطلقها حاكم إقليم دارفور السيد مني مناوي نهار الإحتفال بتنصيبه في عاصمة إقليم دارفور وحاضرة ولاية شمال دارفور ، مدينة الفاشر ، تصريحاته بإعادة تجارة الحدود و التي جاءت ملبية لامال وأشواق إنسان دارفور الذي أنهكته الحروب التي خلفت دمارا وفقرا مدقئاً .
هذه الأحلام والامال بإستصلاح الحالة الإقتصادية لربما تتبخر وتذهب أدراج الرياح ، وذلك لأن هناك جملة من التحديات والمعوقات تواجه تجارة الحدود.
رافقتُ وفد وزارة التجارة والتموين وهيئة الجمارك ومكافحة التهريب ومكاتب تجارة الحدود إبان زياراتهم للمحليات المستهدفة بإعادة تنشيط النقاط الجمركية فيها وهي (كتم ، مليط ، المالحة ، الطينة ) بغرض الوقوف على مقومات ومتطلبات الإجراء من شبكات وبنوك وبنى تحتية ، ووجدنا الغالبية العظمى متوفرة ببعض المحليات ، إلا أنه ومن خلال الإستطلاع الذي اجريته و حديث المواطنين الذي لا يخلو من الصراحة والشفافية والذي حدد مكمن الداء للوفد الزائر ، ظهرت جلياً للعيان أن هناك جملة من التحديات والمعوقات ستقف حائلاً بين فرصة نجاح تجارة الحدود في إقليم دارفور ولربما توأدها في محدها ما لم تتخذ التدابير اللازمة والإجراءات الصارمة في مواجهتها. وخصوصا ان هناك نقاط جمركية صدر القرار بإستئناف العمل فيها وهي كتم ومليط.
هذا التقرير الذي سيشخص الأزمة وبشفافية تامة مبنى على معلومات حقيقية مأخوذة من أرض الواقع ، قصدت به وضع المعنيون بالأمر وأهمهم مواطن الإقليم أمام الصورة وثانيهم الحكومة ولعمري هي ليست ببعيدة مما يدور . فهيا إلى هناك.

*تجارة الحدود* ..
عبارة عن تبادل السلع والخدمات عبر الحدود والمناطق المختلفة وتشكل حصة كبيرة من الناتج المحلي والإجمالي في مختلف البلدان ، وإنتقال رأس المال بين البلاد المختلفة وما يتعلق بهذا الإنتقال عبر الحدود من عمليات تجارية ذات منفعة وعائد بالنسبة للبلدين ممثلة في عائد منظور وعائد غير منظور.

*الوضع الأمني*
هشاشة الوضع الأمني في إقليم دارفور والصراعات التي تتجدد بين الفينة والأخرى والنهب المسلح وقطع الطرق كلها ستقف عائقا كبيرا امام إنسياب تجارة الحدود والمعاملات بين دول الجوار ، ومن المعلوم ان التنمية بكل صورها تعتمد على الإستقرار الأمني.

*الفساد والتهريب*
يقول احد اعضاء شعبة الموردين والمصدرين بمحلية مليط : أكملنا إجراءات الرخص التجارية منذ اكثر من اربعة اعوام ولكن عندما شرعنا في ممارسة العمل وجدنا هناك واقعا مختلفاً ، اولا فارق السعر ، هناك بضاعة تشحن بالتهريب وبدون اي إجراء وعندما ينزل السوق يكون سعره اقل من البضاعة المقننة وهذا التنافس غير الشريف أجبرنا على التراجع و وضع رخصنا تحت أدراج الترابيز.
ويقول اخر ، هناك واحد من ابناء المنطقة اكمل إجراءات شحن الفول السوداني وعندما وصل إلى جبل عيسى وإستوقف من قبل العساكر الموجودين هناك ، واخرج اوراقه ، قالوا له نحن لا نعترف بهذه الإجراءات وما نعرفه هو أن تدفع لنا فقط. فإضطر التاجر للرجوع إلى مليط وتوزيع شحنته في السوق المحلي وأخذ شنطته وترك البلد.
القراء الكرام ، لا يخفى عليكم عمليات الفساد التي أزكمت الأنوف وهو موجود في كل مؤسسات الدولة ومكاتبها (أدفع يُنجز عملك) هذا المبدأ هو سبب رئيسي في إقعاد الدولة السودانية وتخلفها.
إذن إفتتاح النقاط الجمركية سيضع تجارة الحدود بين مطرقة الفساد والتهريب وسندان التقنين الذي سيقفل الباب امام الذين جعلوا من الفساد مصدرا للإسترزاق ويجاهدون أيما جهاد لتعطيل عمل التقنين.

*المؤسسات العسكرية العائق الأكبر*
يقول محدثي دخول المؤسسات العسكرية في التجارة الحدودية هو العائق الأكبر لتجارة الحدود ، إذ تجد عربات عسكرية محملة ببضاعة مختلفة وعندما يسأل موظف الجمارك عن الإجراءات يستخرج ورقة طويلة عريضة ممهورة بتوقيع ظابط عظيم ، ولا يجد الموظف بد من تركه والسماح له بالمرور.
إن إستغلال السلطة والزج بها في مثل هذه المعتركات عملا غير مقبول على الإطلاق.
المؤسسات العسكرية بكل الوان طيفها وفي معظم ولايات السودان تركت صميم عملها وإتجهت للتجارة ، نجد هناك عربات عسكرية تعمل مواصلات ، وهناك عسكريون يعملون في تجارة الفحم وتدمير الغابات وماتم في غابات محلية عد الفرسان بولاية جنوب دارفور خير شاهد ودليل، والنماذج كثر.

*الدولار الجمركي..*
بحسب التعريف أعلاه فإن تجارة الحدود هي عبارة عن مقايضة ، والمقايضة هي تبادل سلعة بأخرى . ولكن سياسة وزارة التجارة والتموين أخلت بموازين هذه التجارة ، إذ تتم عملية الجمركة بالدولار الجمركي عبر بنك السودان ، ويرى التجار ان هذا الإجراء سيعيق عملية التبادل التجاري بينهم والدول لعدم مناسبة رأس المال مع الارباح.

*الطرق* ..
من المعلوم أن البنى التحتية لأي دولة هي واحدة من مقومات التقدم والنهوض ولا سيما الطرق والكهرباء والمياه ، إقليم دارفور وبالرغم من موقعه الإستراتيجي المميز إلا أنه يفتقر للطرق الداخلية والقارية والتي تمثل واحدة من أساسيات التبادل التجاري .
وعورة الطرق وطولها ستعطل عمليات نقل السلع سريعة التلف كالخضر والفواكه ، ومعلوم كمية إنتاجها في دارفور.

*التنافس غير الشريف* ..
زيادة النقاط الجمركية بالإقليم إعتبرها البعض تغول على حقوقهم التأريخية ، وبالتالي ظهر تنافسا غير شرعيا بين هذه المحليات ويقول محدثي إن عمليات التفلتات الأمنية والنهب الذي يحدث في بعض الطرق ما هي إلا إفرازات لهذا التنافس ليجبروا التجار على سلك الطرق الامنة والتي تؤدي الى محليات دون سواها.

*القوقو* ..
في الاونة الأخيرة إشتهرت تجارة القوقو في السودان وهي البضائع المستعملة او المستخدمة وبصورة كبيرة ، هذه التجارة ليست من شأنها المساهمة في النهوض بالإقتصاد بالرغم من ميزاتها التي تقدمها للمستهلك إذا وضعناها في ميزانها الصحيح.
وبالتالي يجب على الموردين إعادة النظر فيها .

*السياسة*..
لعبت السياسة دورا قذرا في تعطيل عملية تجارة الحدود في إقليم دارفور وذلك عبر تحويل بعض النقاط الجمركية إلى ولايات اخرى.

*مطالب*..
المهاجر الصحية والموانيء الجافة هي من أبرز المطالب المشتركة التي طالب بها المواطنين ، بعد مطالبتهم بتوفير الأمن وإعادة الطريق القديم (الوخائم – مجور) وتهيئة الطرق والبيئة المواتية لتجارة الحدود.

*غياب الدولة*
غياب الدولة وتنصلها عن مسؤولياتها وخصوصا في محليات الولاية النائية خلفت واقعا مذريا صاحبه تدهور في كل الخدمات ، محليات كتم ، الطينة ، مالحة ، مليط ، وبرغم كثافة سكانها إلا أنها ما زالت تعيش في الظلام وسكانها يقطعون المسافات الطوال للحصول على الماء وتشهد مؤسساتها فسادا كبيرا يثقل كاهل المواطن.
وعليه يجب تخصيص جزء من إيرادات الجمارك لتنمية هذه المحليات.

*مقترحات* ..
لحسم كل هذا الجدل وتقنين عملية تجارة الحدود وسد منافذ الفوضى الخلاقة وإستتباب الأمن ومكافحة الجريمة العابرة للحدود ومكافحة المخدرات والسموم ، التي أصبحت اخطر من الحرب ، اقترح على الدولة بناء بوابات ومعابر مجهزة ومكتملة بكامل العتاد من ماسح ضوئي وطائرات ورادارت لمراقبة الحدود (نموذج معبر أرقين) ، وأنا على يقين اننا سنتعافى وننهض ونتقدم.

*رسالة أخيرة* ..
إلى مواطني إقليم دارفور ، الان الفرصة سانحة ومواتية للنهوض بهذا الإقليم ، والأمل ما زال معقودا على تطوره ونماءه وإذدهاره ، دعونا نغتنم هذه الفرصة ونساهم في إستقراره من باب (الأمن مسؤولية الجميع).
دعونا نمد ايادينا لبعض ونحافظ على هذا السلام ونفكر بعقلية جمعية في مصلحة الإقليم ومواطنه وان نجعل من الاستقرار والتقدم هدفا نقاتل جميعنا من أجله ، وبإمكاننا ان نفعل.

محباتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى