إنعكاسات الصراع الأثيوبي الأثيوبي على دول الجوار الأفريقي الآسيوي…!!!

تقرير : عبد القادر ابو الجاز

*مقدمة*
استمرار الصراع الأثيوبي الأثيوبي مايقارب العام، وارتباطات الملف بشكلية العلاقة مع دول الإقليم، والمجتمع الدولي، هي السمة الأبرز في تصاعد وتيرة موجة الصراع الداخلي والمحتمل تحولها إلى موجة إقليمية تساهم بشكل كبير في إزدياد تدفقات اللاجئين، وانشطار دولة جديدة بالمنطقة، هذا ما يقود لطرح عدة تساؤلات ، ألا ترى أن الصراع الأثيوبي الأثيوبي مصيدة للسودان نتيجة لأجندة المحاور بهدف انشطار دولة جديدة بالمنطقة، أم أن المسألة مختلفة؟ وهل تعتبر أثيوبيا أول دول الإقليم التي ذاقت طعم هذه الأجندة؟ إلى أي مدى سينعكس الصراع الأثيوبي على منطقة القرن الأفريقي وعلى دول الجوار الآسيوي؟ وما مصير إثيوبيا باعتبارها الأكثر دعما لفض النزاعات والصراعات ؟ كيف لا تنعكس جهودها على إدارة أزماتها الداخلية ناهيك عن غيرها أم لحرب المياه والأمن الغذائي أثر على المسألة برمتها؟

*تطورات الصراع:*
قال البروفسيور أحمد عبد الدائم محمد حسين أستاذ ومحلل أكاديمي بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة إذا لم يكن السودان وأجهزته ومخابراته وجيشه منتبها لطبيعة الصراع داخل أثيوبيا وتطوراته فإنه سينعكس بشكل كبير على الوضع الداخلي بالسودان، بغض النظر عن التأثيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها السودان جراء هذا الصراع، مؤكداً بأن ظهور دولة جديدة في المنطقة سينعكس بالتأكيد على طبيعة الجوار نفسه في المستقبل، وأضاف أن السودان قاد وساطة لحل أزمة التيغراي مع الحكومة الأثيوبية قوبلت بالرفض، متهمة السودان بعدم الحياد ورجح أن الاتهام نفسه يحمل طبيعة العلاقة في المستقبل بين الدولة الجديدة والقديمة من توتر ومشاكل، منوهاً أن علاقة كل واحدة مع السودان على حدة، من تنامي هذا التوتر، قائلاً ربما يحدث التصعيد أكثر فأكثر نتيجة لارتباط هذا الملف بملفات الحدود وسد النهضة وإجبار إثيوبيا على سحب قواتها من منطقة أبيي والنيل الأزرق.

*التأثيرات الإقليمية:*
أكد عبد الدائم أن الوضع الأثيوبي الراهن يتجه نحو التصعيد على مرمى ومسمع من المجتمع الدولي، مبيناً أن هذه المؤشرات انعكست على التعبئة العامة والأجواء الداخلية بين القوميات، وانهيار الاقتصاد وإغلاق أبواب البعثات الدبلوماسية في الخارج، واقتصر دورها على شخص السفير في أغلب السفارات، وذهب أبعد من ذلك إلى أن رئيس الوزراء الأثيوبي د.آبي أحمد اتهم الإعلام الداخلي والخارجي بالمؤامرة، وتزييف الحقائق ضد دولته، ولفت إلى أن الخطورة تتمثل في دعوة رئيس مجلس الوزراء المواطنين الأثيوبيين بالانضمام إلى قوات الدفاع الوطني ووحدات القوات الخاصة والميليشيات بتوجه إلى جبهة القتال ضد تيغراي ، مشيراً إلى أن هذه الوضعية بالتأكيد سينعكس تأثيرها داخلياً وإقليميا خصوصاً في شرق السودان.

*تعقيد:*
اعتبر عبد الدائم أن جو الكراهية العرقية الذي حشد له آبي أحمد داخلياً وخارجياً سيعقد المسألة أكثر في المستقبل خاصة عند طلبه من رجال الدين بالدعاء في الصلاة من أجل الحرب ضد التيغراي، ووصفها بأنها مأساه ستكون بمثابة نيرون روما الذي يستعد لحرق أثيوبيا بكاملها، أو البقاء في السلطة، مبيناً أن الجيش الذي يحارب بلا عقيدة أو عتاد سيقود لكارثة محققة، وانخراط مجموعات أخرى في تحالف التيغراي والأرومو ضد نظام رئيس الوزراء ومعاونيه. مؤكداً أن السودان حريص كل الحرص على إدارة الملف بحنكة ووعي كبيرين لتجنيب المنطقة مغبة صراع لا ينتهي.

*أدوار مختلفة:*
أكد عبد الدائم أن الدور الإقليمي مختلف باختلاف علاقة آبي أحمد بدول الإقليم، فعلاقته الجيدة مع أسياس أفورقي تجعله يطلب الدعم منه، بجانب رفضه لوساطة السودان لحل المشكلة بالرغم من أن السودان قوبل بوساطة أثيوبيا من قبل ورضي بها وشكره على ذلك، وأعتبر أن هذا الموقف أضر بالسودان وعرضه لحرج دولي مما قاده للتعامل بالمثل، بسحب القوات الأثيوبية من أبيي وإحراجه بالمثل، وأردف قائلا إن مصر بعيدة عن الموضوع حتى لا تتهم بأنها المحرضة على التوترات الداخلية، والصومال على مشاكلها الكثيرة المغنمسة فيها، مضيفاً أن رفض التفاوض مع جبهة التيغراى ورفض وساطة أي دولة إقليمية أو دولية سيزيد الوضع تعقيداً.

*حافة الهاوية:*
أوضح عبد الدائم أن دعوة المثقفين الأفارقة في 29 أغسطس 2021م لضرورة الحوار السياسي في أثيوبيا باعتبار أن الوضع على حافة الانهيار، وقبول الأطراف المتنازعة بالوساطة في إطار الهيئة الحكومية للتنمية “إيقاد” والاتحاد الأفريقي بدعم من المجتمع الدولي سيقود إلى حل المسألة، مبرهنا أن وضعية الرفض لهذا الحوار والوساطة سيعمق الجراحات الداخلية والإقليمية، وسيزيد من تدفقات اللاجئين في دول الجوار الأفريقي والأسيوي بهذا اللجوء، فضلاً عن ضرر المستثمرين الخليجيين وتعطيل مشاريعهم وربما يلجأون مثلما اتجه إليه المستثمرون المصريون في رفع قضايا على الحكومة الأثيوبية لتعطيل أعمالهم وخسارتهم المالية.

*الصراع الموجه:*
أشار عبد الدائم إلى أن اثيوبيا لا شك ستتأثر بالحروب الداخلية، وستقلص قدراتها على المشاركة بقواتها في مناطق النزاعات الأخرى التي بحاجة لهذه القوات داخلياً، مستطرداً في الوقت الذي لم يجد آبي أحمد قبولاً إلا من تركيا، بعد أوقفت فرنسا دعمها في الأسبوع قبل الماضي، وراحت إدارة بايدن تضغط بكل الطرق لقبول خيار التفاوض لتسوية أزمة التيغراي، وأشار إلى الاتفاق العسكري المبرم بين أثيوبيا وتركيا والذي بموجبه ستحصل على طائرات مسيرة تركية ماركة “بيرقدار بي تو” وهي طائرة قادرة على القيام بمهام استطلاعية وهجومية، بجانب حمل الأسلحة المضادة للدبابات، والحصول على الطائرات المسيرة المسماة ب”العنقاء” التي تقوم بمهام استطلاعية. تخوف عبد الدايم من أن امتلاك هذه الطائرات سيقود إلى موجة قتال قوات التيغراي التي تعتمد بشكل كبير على سلاح المدفعية والمشاة وسيظهر مشروع آبي الإقليمي ونزاعاته مع السودان أكثر مما هو موجه داخلياً، ودعا دول الجوار إلى ضرورة التحسب لأي طارئ محتمل.

*الإبتزاز:*
أكد عبد الدائم أن الموقف الدولي لن يقبل بتقسيم إثيوبيا، فالغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يسعى بكل الطرق لاستعادة الدولة التي تنفذ أغراضها في المنطقة، واعتبر أن أمامها خياران: إما أن تقبل بفرض الحكومة سيطرتها على الإقليم وتستعيده، أو تقبل بأن تقوم جبهة تحرير تيغراي بالسيطرة على أديس أبابا وعودتها لحكم أثيوبيا من جدد، بعيداً عن التفاوض الذي يؤدي إلى تفتيت وتمزيق إثيوبيا، كاشفاً عن أن حرب المياه التي يقودها آبي أحمد ويراهن على الانتصار فيها لأنه سيكسب من ورائها سيطرة على مصر والسودان والتحكم في قراراتهما السياسية وابتزازهما على الدوام، مؤكداً أن استمرار توافق الدولتين مصر والسودان سينهي هذا الحلم القائم على استكمال سد النهضة ليتحقق الغرض، ويجعل مسألة أمان أثيوبيا غير مضمونة بالمرة في المستقبل.

*تنشيط الحركات المتطرفة:*
أكد الأستاذ مصطفى حبشي الصحفي المختص بالشأن الإثيوبي بإقليم التيغراي الأثيوبي أن الصراع الأثيوبي نتيجة لخلافات عميقة بين جبهة التيغراي وآبي أحمد تطور إلى مرحلة الصدام العسكري، ونفي بأن يكون السودان طرفا بهذا الصراع، مضيفاً بأنه استفاد بطريقة غير مباشرة من انشغال الجيش الأثيوبي بالصراع الداخلي فاستعاد أراضيه، وأقر بضعف الدور الإقليمي لوقف الصراع باستثناء مبادرة رئيس الوزراء السوداني د. حمدوك التي قوبلت بالرفض من آبي أحمد مستطرداً أن ما يحدث في إثيوبيا من صراع سيؤثر على الأمن القومي بالمنطقة، ونتيجة لذلك ستنشط الحركات المتطرفة مثل حركة الشباب الصومالية واضافة إلى موجات النزوح واللاجئين على دول الجوار، خاصة أن السودان حاليا يستضيف أكثر من (70) ألف لاجئ من إقليم التيغراي رغم الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها.

*ضغوط غربية:*
وصف حبشي مصير أثيوبيا يظل مجهولاً في ظل الحرب الدائرة منذ (10) أشهر، وبدورها فقدت كشريك موثوق للولايات المتحدة الأمريكية وكصانعة سلام في الإقليم، والدولة الأكثر مشاركة في بعثات حفظ الأمن والسلم الإقليمي، مرجحاً ما لم يتغير نظام آبي أحمد فلن تعود إثيوبيا لمكانتها الدولية والإقليمية في ظل دولة موحدة على حد تعبيره، وكشف عن صغوط غربية لبقاء أثيوبيا موحدة باعتبار أن انفصال إقليم التيغراي سيقود إلى تفتت أثيوبيا، في ظل تصاعد النزعات الانفصالية من قوميات الأورومو والأقليات الصومالية والعفر وشعوب الجنوب وبني شنقول وغيرهم، مبيناً بعد الغزو الأثيوبي الإريتري أصبح أبناء التيغراي الأعلى صوتا في المطالبة بإقامة دولة منفصلة، ونتيجة للحرب التي شنتها الحكومة ضد الإقليم، معتبر أن هذه الحرب هي الثالثة في التاريخ الحديث مما ساهم في تصاعد وتيرة الغضب لأبناء التيغراي بمشاركة قوات أجنبية في ارتكاب الفظائع ضد الأبرياء وسط صمت تام من بقية الأثيوبيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى