صدى الواقع … محمد مصطفى الزاكي

صدى الواقع

محمد مصطفى الزاكي

السُمْبُكْ هُوَ الأَخْطَرْ!

المشهد:
لقطاتُ فيديو، لشابٍ يبدو من لهجتهِ وسروالهِ الخفيف، الذي يستر عورتَهُ وجزء من ساقيه أنه سوداني في العشرينات، مربوطٌ يديهِ على شجرةٍ عارٍ جسده من الأعلى، تفضحُ ملامحه مشاعر الحزنِ والحسرةِ وإحساسٌ بالقهر، حافٍ القدمين، واقفٌ على أرضيةٍ قاسيةٍ شائكة.
يحيطه ما يبدو عليهم أنهم من أفراد عصابات صيادي ضحايا السمبك، الذين ينصبون شباكهم في رمال الصحراء ، وفي مياه البحر المتوسط، لتبتلع الضحايا كإبتلاع القروشِ لأسرابِ أسماك السلمون، ثم يأخذونهم في أماكنٍ معد مسبقاً للتعذيب والتصوير، حتى يَعرِضُوا تلك المشاهد غير الإنسانيةُ على مواقع التواصل الإجتماعي بهدف توصيلها لأهل الضحيةِ، ليبدأ بعدها مسلسل المساومة والإبتزاز.
كانت العصابة في هذا المشهد الذي تجاوز الدقيقة والنصف بثوانٍ، يضربون الضحية بقساوة، يسبونه بأغلظِ العبارات، وهو يصرُخُ ويستجدي العطف، من قلوب هجرتها الرحمة، لا تحرِّك تروسِ أقفالٌها إلا أموال الفدية.

المشكلة:
تُرَىْ ما الذي يدفع هذا الشاب وشبابٌ غيره، ليغادروا منازل ذويهم الآمنة، ويخوضوا مثل هذه المغامرات الشرسة، التي تنتهي أغلبُها إما داخلُ إمعاء قرشٍ متوحشٍ، أو في شباكِ عصابات السمبك، أو غرقى في إمواج البحر المتوسط الهائجة؟.
قطعاً الدوافع أكثر شراسةً وتوحشاً، حينما يحس الشاب وهو في مقتبل عمره، أنه مكبَّلٌ بسلاسل ظروف قاسية، وأمامهُ قائمة من المطلوباتِ والإلتزامات، التي دونها لا يهنُو له الحياة، وأبوابُ الحاضرِ والمستقبل قد ابتلع مفاتيح أقفالُها متاهات الواقع.
فتجدُهُ مهرولاً هنا وهناك بلا هديٍ أو دليل، يحاول كل السبل، يعمل في الأسواقِ وهو طالب يدرس، أو يهجر قاعاتِ الدرسِ، ليتفرغُ للعمل في أكثر من مكان، يقلب الحجارة على ظهر الأرض وفي باطنها، لكن العائدُ لا يفي الحاجة!.

الحل:
السُمْبُكْ هروبٌ من السيءِ للأسوأ، كالمستجيرُ من الرمضاءِ بالنارِ، والحلُّ طَرَفُهُ ملقى على عاتقي الدولة والحكومة معاً، التي عليهما وضع مشروعاتٍ طموحة، لت
توظِّف بها الموارد البشرية المهدرة، وتشجع الشباب على الإنتاج بتسهيل إجراءات التمويلِ ودعم الصناعات المحلية، وخلق منافذ للتجارة في الحدود والأطراف، بما يشغل الشباب عن تفكير الهجرة والمغامرة والدخول في غياهب المستحيل.
وطَرَفُ الحلُّ الآخر يقع على الإعلامِ ومنظمات المجتمع، التي عليها واجبُ التنوير والتبصير بمخاطر وأضرار تلك المغامرات،وإضاءة النفق أمام الشباب، ليبصروا خيوط الأمل الموصلة للغايات والطموح دون المجازفة بالحياة والكرامة، وبذلك يستعيد الشباب كرامتهم والأمل.
الْلَّهُمَّ سَهِّلْ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى