أخر الأخبار

قهوة جورج مشرقي .. ذاكرة أم درمان الفنية والثقافية

 

بقلم:احمد موسي قريعي

مدينة أم درمان لم تعد تلك المدينة المميزة ذات الخصوصية، فقد تبدلت وتغيرت ملامحها وصرنا لا نعرف عنها شيئا، فقد أنكرناها وانكرتنا وانكرت نفسها، فقد اختفت كل الأشياء والأماكن التي كانت تخبرك أنك في بقعة المهدي المباركة.
فقد اختفت سينما “برمبل” وسينما “أم درمان الوطنية”، واختفى مقهى “يوسف الفكي”، واختفت قهوة “جورج مشرقي” وأصبحت “سوبر ماركت على الطريقة الحديثة، واختفى روادها من المثقفين والشعراء والفنانين والملحنين والسياسيين ومدرسي الثانويات والوسطى والعمال والأفندية، ولم يتبق من ذاكرة أم درمان الثقافية والفنية المسماة “جورج مشرقي” إلا ذلك الـ “السوبر ماركت” الكئيب، وهذه الأبيات الشعرية التي تفصح عن مكانة تلك القهوة في نفوس عشاقها.
قهوة جورج ارحكا نزورا
فيها المنقة القلبي بدورا
وفيها الزول السمح الصورة
وفيها الجلسة المامنظورة
سرور وكروما وناس قدورا

من هو جورج مشرقي؟

جورج مشرقي قبطي سوداني تنحدر أسرته من صعيد مصر إبان الحكم التركي المصري للسودان، يعرفه كل أهل الفن والثقافة في السودان، توفي في 21 يوليو عام 2007م.
أسس “مشرقي” قهوته التي تعتبر حكاية من ضمن حكايات أم درمان في حي “البوستة” العريق عام 1940م.
ومن تلك اللحظة أصبحت جزءا من تاريخ الأغنية السودانية، وبيانات السياسيين.

انهيار قهوة مشرقي

انهارت قهوة مشرقي وخرت على رأس العم “جورج” في عام 1964م بعد (20) عاما من تأسيسها إبان ثورة أكتوبر التي اقتلعت الرئيس إبراهيم عبود.
إلا أن العم “مشرقي” لم يمت من جراء ذلك الانهيار بل أخرجه المتظاهرون من تحت الأنقاض حيا ليكمل مسيرته ورسالته الفنية بعد بناء قهوته بالطريقة الخرسانية المسلحة الحديثة.
كانت قهوة مشرقي أول مكتب تعاقد لحفلات الفنانين في السودان، وتعود الحكاية إلى واقعة دارت بين “جورج مشرقي” والفنان “إبراهيم الكاشف” الذي كثرت عليه الديون فقرر بيع ورشة النجارة الخاصة به لقلة عمله فيها بسبب سهره المتواصل في بيوت الأفراح، فنصح مشرقي بأن يأخذ أجرا رمزيا من “صاحب الفرح” أو المناسبة نظير احياء الحفل، لأن عادة مطربي السودان في تلك في الفترة عدم المطالبة بأي أجر مقابل الغناء في بيوت الأفراح.
بعد الحاح ومفاوضات اقتنع الكاشف بفكرة مشرقي، وأصبح عمنا “جورج مشرقي” أول مدير أعمال في السودان يتفق على حفلات الفنانين نيابة عنهم لكن بلا أجر أو حافز أو راتب!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى