أخر الأخبار

قصتي في حركة تحرير السودان كما عايشتها الثورة

الثورة بين النظرية والواقع(٣)

 

بقلم :منتصر ابراهيم

عند الصباح بعد سماعي لخبر الاعتداء على سليمان جاموس ، بدأت الصورة تتضح من حولي ، و ادركت طريقة إدارة مناوي للحركة عبر الإرهاب ؛ فلولا أن مجتمع الزغاوة لا يقبل بانتهاك حقوق أفراد مجتمعه مثلا بالاغتيال والقتل غيلة وتحت التعذيب كما يفعل عبدالواحد وسط اعضاء حركته ، لكان مناوي فعل الافاعيل بكل من يختلف معه ، فانفعالاته عدائية على الدوام وفي حالة نرفزة ومتعجرف ، أمير حرب افريقي بشكل نموذجي . مجتمع الزغاوة تسود فيه الثأرات والانحيازات على أساس خشوم البيوت والافخاذ للطبيعة البدوية الصحراوية لهذه السمة ، ربما لهذا السبب لم نسمع بأعمال وحشية في حقوق الافراد داخل الحركة ، طبعاً على الجانب الآخر هناك انتهاكات لحقوق اخرين فقط لكونهم ليسوا من مكونات الزغاوة . فالعم سليمان جاموس وتعرضه للإفتئاد والإهانة وعدم إثارة ضجة ، ربما لإنه جاء في توقيت توتر صامت وريبة مستشرية وسط القادة ، تفجر لاحقاً في اكبر عملية تشظي في جسم حركة تحرير السودان الأكبر والاسع قاعدة للزغاوةا بعد توقيع مناوي لاتفاق ابوجا بعد المؤتمر مباشرة ، وتكونت بعدها جبهة الخلاص ، وضمت فصائل مسلحة كلها من قبيلة الزغاوة تتوجت بالعمل المشترك الوحيد تقريباً مع حركة العدل والمساواة الفصيل الزغاوي الآخر بقيادة المرحوم خليل ابراهيم الأكثر تنوعاً وامتداداً نحو كردفان .

أرجو أن استغل هذه النافذة ، لتنبيه ابناء دارفور بمختلف تجاربهم ، ومن ارتبطت مسيرتهم السياسية بالحركات المسلحة ، أن يعيدوا الاعتبار والتقدير للشيخ الوقور سليمان جاموس ، الذي ربما اختزن في صدره ليلة الاعتداء عليه كل أحاسيس المرارة والفجيعة والخزلان ، أن تتعرض كرامته ومنزلته الرفيعة للإنتهاك من شباب في عمر ابناءه إرضاءً لطاغية صغير وأمير حرب كان يستعجل توقيع صفقة مريبة لأجل الشياطين ذوي العيون الخضراء _روبرت زوليك وروجر ونتر …

ادعوا بعيداً عن المزايدات السياسية الى تكريم سليمان جاموس حتى لو كان من مجلس شورى قبيلة الزغاوة ، لكونه من أكثر شخصيات دارفور رصانة واتزان ومعرفة ، وذو قدرات وكاريزما وصاحب ذاكرة زاخرة بالمعلومات وذكريات دارفور ، ارجو أن ينال حظه من رد الاعتبار والعرفان والامتنان لما قدمه في مسيرته مسؤولاً عن الشؤون الانسانية .

عاد العم سليمان جاموس لاحقاً منسلخاً من حركة العدل والمساواة ، تقريبا في ٢٠١٧ عبر مطار الخرطوم في عودة هادئة بدون صخب او ضوضاء استجابة لنداء الحوار الوطني كما صرح في المطار و كمواطن عاد الى أهله منذوياً عن الاضواء وصخب السياسة ، ربما مكتفياً من الغنيمة بالإياب والحسرة على ما آلت الى الأوضاع وانتهي اليه المطاف .

بعد انتهاء المؤتمر غادرت حسكنيتة ، في رحلة سرية الى الابيض أشبه بالهروب رتبها لي صديقي مصطفي داوؤد محمد القيادي الآن بتجمع حركة تحرير السودان ، حيث قال لي يامونتي لو قعدت الناس ديل (بكتلوك ) ؛ ولهذا الموضوع قصة اخرى .

سمعت بعدها أن العم سليمان جاموس اجتهد ، وبزل جهوده الخلاقة وروحه الوفاقية من أجل تماسك جبهة الخلاص ، إلى أن انتهي به الأمر مريضاً لفترة في كاودا تقريباً بعد إجلائه إليها عبر جهود احدى المنظمات ، فقد كان صاحب علاقات واسعة وقدرات تواصل .

لا أعرف الآن طبيعة العلاقة بين العم سليمان جاموس ومناوي ؛ لكن لا أظن أنها ستكون على ما يرام .

 

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى