الوحدة الوطنية مداد الغبش عبد الوهاب ازرق
وانا أدير مؤشر الراديو بحثا عن الفترة الرياضية المفتوحة بالإذاعة الرياضية FM 104 ، نهار امس وجدت الحديث عن الوحدة الوطنية عبر بث مشترك لاذاعات FM بالخرطوم ، والولايات ، قلت أهرب إلي اذاعة بلادي حيث المسرح الرياضي الذي يبث في نفس التوقيت ، لاتابع استعداد المريخ في مواجهة الأهلي القاهري رغم هلاليتي ، ايضا وجدت الحديث عن الوحدة الوطنية ، أثرت الإستماع ، فالمريخ يلعب بإسم الوطن.
كانت محاولة من الإذاعات لطرق موضوع هام يجب التوقف عنده في وقت حساس تمر به البلاد يحسب لها في توحيد الوجدان السوداني . و ما لفت سمعي من اول وهلة مشاركة اذاعتي شمال كردفان ، ونهر النيل تقريبا فقط من ولايات السودان ، مع مشاركة المراسلين للاذاعات من الولايات بمداخلات ، كان الاحرى ان تشارك كل الإذاعات الولائية في هذا البث المشترك ، فوحدة الوطن لا تتجزأ ، وتتطلب التوعية ، ورفع الحس الوطني التواجد في كل بيت ، وحارة وأذن .
حث الإعلام لمواطنيه ليتمسك بالوحدة الوطنية المفقودة بينه ، يأكد أن المشكلة موجودة، والبعد عن حب الوطن طال اغلب الشعب ، و قطعا هذا لم يأت من فراغ ، فهنالك اسباب دعته ليغني “ملعون ابوك بلد” ويفرح بعباراتها ، لأن كل الحكومات الوطنية ، تنظر السودان كقطعة وحيازة و حكرا على الحزب المسيطر على الوضع والحاكم ، والتاريخ يسجل تراكمات من الماضي الأليم ، والمظالم التاريخية ، لمست السواد الاعظم من الشعب ، فاسودت القلوب تجاه الوطن ، واغلب الشعب يحس بأنه غريبا في وطنه . الإحساس بالوطن متذبذب ، لهواجس ، وتنافر ،وعدم قبول الآخر .
الوحدة الوطنية حب ينبع من البيت والاسرة وينمى في المدرسة ويرعاه الشارع ، يتوجه المجتمع ، وتأطر له الدولة بغرز القيم ، والتعامل بالمساواة ، والعدل ، وتوفير التنمية ، والحقوق ، و إبراز الهوية ، و يكون الشعار السودان اولا ، لكننا نرفع إشعار الحزب اولا ، والانتماء السياسي أعلى من الانتماء للبلد ، مقرون بالنظرة الاستعلائية عند البعض ، عطفا الصورة الذهنية السالبة التي تاصلت فن المجتمعات ، والغبن الداخلي ، و ظهور مصطلحات الهامش ، والنيل ، والغرابي والشمالي ، وأهل العوض ، والجنوبيين ، حتى انفصل .
الوحدة الوطنية فطرة بشرية ، يولد بها الإنسان ، فمقدار التنامي والتداعي والانعدام ، تتناسبا تناسبا طرديا مع القوة الدافعة والمغذية لهذا الشعور ، وتزداد بمتوالية هندسية في حالة الانتماء الحقيقي للسودان ، وينظر لها البعض بأن الرخاء ، والعيش بكرامة وعزة ورفاه يجلب حب الوطن ، ، وقد تقل في حالة البؤس والشقاء والعوز ، وشتان بين الحالتين ، والعكس صحيح كثير من المتخمين إحساسهم بالوطن لا يتعدى كروشهم الممددة ، واغلب المعدمين ، وطنيتهم في عنان السماء ، وتناطح الجبال طولا وشموخا ، والمزج بين الحالتين ، هو العنوان المفقودة لكتابة الوحدة الوطنية .
خربت الأحزاب السياسية توحيد الشعب على ضمير واحد ، ومصير مشترك ، بعضها رفعت شعارات تناقض حتى التركيبة السكانية والمجتمعية والهوية السودانية ، وبعضها استمد مبادئه من خلفيات قل ما تتوافق مع السلوك السوداني ، والآخر استنجد بالاجنبي ، والعشائرية تاصلت في بعضها ، و تزايدت حدة الانشقاق والتنافر بينها ، فتولدت مجموعات ، وتشظت حتى كاد أن كل خشم بيت له حزب او حركة . وجميعها تطالب بمصالحها لا مصالح الشعب ، والمواطن الذي عركته الحياة استسلم لواقعه المرير ، والوطنية في آخر اهتمامات البعض .
الوحدة الوطنية والقومية السودانية ، تجسدها القوات المسلحة السودانية ، حامي الوطن ، والدرع الحصين ، المنتمي إليها يعمل للوطن ولا لسواه ، وهي العصية على المكائد، وما لفت انتباهي مداخلة الفريق اسماعيل خميس جلاب رئيس الحركة الشعبية شمال في برنامج الوحدة الوطنية ، حيث أشاد بالقوات المسلحة السودانية ودورها عبر التاريخ ، واعاب على الاحزاب السياسية إدخال السياسة فيها ، داعيا للوحدة الوطنية بين كافة السودانيين ، وتكوين حكومة وطنية من المستقلين .
القدح في القوات المسلحة رمز الوحدة الوطنية ، ينبع من منزوعي الوطنية ، والهتيفة الذين يقولون “معليش ما عندنا جيش” ، فليراجعوا وطنيتهم ، وإذا أردت أن تعيش عزيزا فاملك القوة ، وإلا صرنا نعاجا في عالم لا يعترف إلا بالقوي .