أخر الأخبار

*”66″ عاما من الاستقلال مداد الغبش*

 

عبد الوهاب ازرق

 

تطورت دول ، ونمت أقطار ، ونهضت أمم ، بالعمل والجهد والتفاني ، والإخلاص ، والوطنية ، والانتماء ، والتخطيط والعلم ، ما استكانت ورضخت لفقرها ، مسحت تاريخها وماضيها البائس بالعمل ، بعضها قام من ركام الحرب والدمار ، ومثلها من براثن التخلف والجهل ، واخرى من حياة البدو والرعي ، وكثيرة من دون موارد نهضت وسادت العالم.

 

السودان دولة متنوعة الموارد والخيرات ، وكل مقومات النهضة والاقتصاد موجودة ، وظللنا نتقهقر للوراء منذ الاستقلال وحتى اليوم . وكل حاضرنا التناجي والحنين للماضي ، “66”عاما من التشاكس و التناحر ، والانقسام والتشرزم ، ندور في حلقة من الاحزاب الفارغة من البرامج والاهداف، والمليئة بالدسائس والمكائد و الخرافات ، المنكفئة على اطارها العشائري والجهوي ، وبعضها يسبح بحمد الأجنبي ، وتستهويه نغمة الخواجات ، الوطن عندهم ملء البطون ، وزيادة الشحوم في الجسم ، وتشييد غابات الاسمنت ، وبيع الضمير ، ويبقى المواطن البسيط هيكل عظمي ، لا يهمهم ، طالما استوز بمنصب سياسي ، او حظية بمكرمة ، او أعطيه هبه .

 

بلد احزابه بعدد شعبه ، وتتناثر بمتواليات هندسية ، كل اسرة وخشم بيت له حزب أو حركة مسلحة، كل من لم ينل من كيكة السلطة حمل السلاح ، و بإسم الشعب يطالب بسلطة وثروة ، ويوقع اتفاقا ويحظى بمنصب ، وينغلق على نفسه ، متنكرا حتى لاقرب الاقربين .

 

بلد ما زالت تنخر فيه العصبية والجهوية والاثنية ، والمناطقية ، والتباهي بالقبائل والعشائر وصمة عار في جبين كل عنصري . شعارات زائفة ترفع ولا وجود لها في واقع الحياة والناس ، تنوع لثقافات وعادات وتقاليد لم تستثمر ، عقول متحجرة تفرض لحن لترقص معه كل الأذواق ، وترفض السجية أن تتناغم مع اللحن لاختلاف الأذواق ، في التنوع قوة ، والقوة من التنوع اكبر قوة.

 

وطن يبحث عن هوية بين زنجية تغطي السواد الأعظم من الشعب ، وعروبة ، بلد محتاج انسانه إلي زرع الوطنية ، والانسانية ، والاخاء ، وتلقينه أن لا نقاء عرقيا في السودان ، كرهنا عبث عبارات الشمالي والغرابي ، وسئمنا مناداة الانسان بالنيلي والرملي والجبلي ، من ينادي بالاخاء والمواطنة والمساواة يوسم بالمخبول في فهم البعض ، وتأبى العنصرية إلا أن تكون مقياسا للتعامل الإنساني في فقه أناس ، واخرين طيبتهم وتعاملهم سمح ، وكل الانسانية هم ، لكنهم ليس بكثر .

 

شعب منغمس في الأنانية والنرجسية والشوفينة وحب الزات ، شعب لا يرضى الخير لغيره ، إن نجحت حسدوك ، وإن فشلت ضحكوا عليك ، لا يزال الشر فينا حتى نطرده ، والخير فينا كثير إن استثمرناه ننهض ونلحق الأمم .

 

حكومات وساسة ، احزاب وحركات ، مواطن ومنظمات ، أسر ومجتمعات ، إذا لم نتفق على برنامج ومشروع وخطط للنهوض من واقعنا نظل هكذا ، قابعين في فشلنا ، ومتسكعين في شوارعنا ، ومتخاصمين بيننا .

 

بلد ما زال انسانه في القرن الحادي والعشرين يعاني في سبيل توفير وجبة يوم ، وبصفوف بالكاد يجدها ، وطن الخدمات الأساسية فيه للاغنياء ، والفقراء يكفي حالة بئسهم ، اطراف المدن تحكي واقعا لشرائح مجتمعية ، وتعكس معاناة حقيقية لواقع بلد تخجل ان تقول انه نال استقلاله قبل “66” عاما .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى