الكوز عادل الباز وثياب الواعظين
بقلم: د. معتصم دونتاي الزاكي
من سخرية القدر أن يتحدث الباز عن العدالة والحقوق والاضرار بالآخرين، عجبي لمن صمت وظل مناصرا لانتهاك العدالة لثلاثون عام.
ويمكن لفلول النظام المباد بأمر الشعب، أن يدفعوا نصف مالهم الذي نهبوه من الشعب مقابل أن يمحوا من ذاكرة الشعب السوداني الجرائم التي ارتكبوها طوال فترة حكمهم.
ولعل من الغرائب وعجائب الدنيا أن يتحدث عادل الباز، أحد أبرز مناصري حكم الإنقاذ الذي حكم بالحديد والنار والدم عن الحقوق والحريات وحقوق الأسرة وحق الآخر وتشويه السمعة، وقد وجه خطابه الأثم الفج لجيهان زوجة المناضل وجدي صالح، محدثها عن الحقوق والحرية، وتشويه سمعة الآخرين، مستشهدا في ذلك بحبس فلول النظام البائد قادة التيار الإسلاموي، مدعيا ثوب التسامح والفضيلة، متناسيا لكل القيم التي داس عليها قادتكم طوال الثلاثين عاماً. وأكاد أجزم لم ينجو بيت سوداني إلا وأصابته جراحات أو أحزان من حكومة الإسلامويين.
يظن عادل الباز إن ذاكرة السودانين قد تناست الآف السودانيين، بمختلف تكويناتهم الحزبية وغير الحزبية، الذين حبسوا في السجون لسنين طوال دون أي ذنب ارتكبوه سوى أنهم طالبوا بحقهم في التعبير عن قضايا وطنهم، فتشردت أسرهم جراء الاعتقال السري، وانهكهم السؤال والبحث عن معلومة تفيد عن أماكن حبسهم، ما بين استعلامات جهاز الأمن طلبا للقائهم ولو لدقائق، هذا الآلم استمر لثلاثون عاماً، وكان وراؤه قادة الحركة الإسلاموية الموجودين الآن في حبس خمسة نجوم.
الأستاذة جيهان زوجة المناضل وجدي صالح التي تريد أن تذكرها بأهمية الحرية والعدالة، فقدت شقيقها صالح عبد الوهاب في انتفاضة ديسمبر 2019، ويومها تجرعت الأسرة معنى الفقدان، وأنت منهم ولا تعرف ولم تتذوق مرارته، وأذكر وقتها عندما تم ادخال الشهيد صالح في مستشفى الأربعين قذفت قوات الكيزان بكل حقد المستشفى (بالبمبان) والرصاص معاً، على يد القتلة المجرمين قادة حكومة الإنقاذ الذين تتحدث عنهم أنت بكل بجاحة. وفي ذات الأيام التي استشهد فيها صالح، استشهد فيها مئات من الشباب، وأنت وإخوانك الإسلامويين لم يطرف لكم جفن، بل كنتم تناشدون الأجهزة الأمنية بمزيد من الحزم، أي (مزيد من القتل) هؤلاء لولا اختلال العدالة لما كانوا موجودين حتى الآن في السجون، مكانهم الطبيعي المشنقة بحكم ما اقترفوه من جرم وسفك للدماء.
أية قيم وأخلاق تلك التي تتحدث عنها يا عادل الباز، لك قوة عين تحسد عليها، وأفيدك علما، حين استشهد صالح، كان المناضل وجدي صالح وقتها في سجون الإنقاذ، لا يعرف أن اخيه وابن خاله وشقيق زوجته الذي يسكن معه في المنزل منذ طفولته قد استشهد.
ولم يكن هذا الاعتقال أول الاعتقالات، والتي امتدت لشهور طوال… وما أدراكما، الظلم يا نصير الظلمة الإسلامويين، فخلال 4 أيام فقط إبان انتقاضة سبتمبر 2013 قتلوا 250 شهيداً، أعمارهم ما بين 17 – 30، جعلوا الحزن يسكن كل بيت سوداني.
تتحدث عن الأخلاق يا عادل الباز، والإنقاذ ارتكبت أكبر مجزرة في الخدمة المدنية، وأحالت أكثر من ثلاثين ألف موظف وعامل فيما يسمى بالصالح العام، كانت تصفية للخصوم، وتمهيدا للتمكين الإسلاموي. فتشردت أسرهم وضاعت أحلام أبنائهم، وذاقوا المر بقرار قادة من يسمون أنفسهم حركة إسلامية.
نحن على يقين تام بأن الإسلامويين لا يعرفون شيء عن القيم والأخلاق، وإنهم يؤمنون بأن استباحة دم الناس حلال.
قادة الحركة الإسلامية الذين تحاول الحديث عن ظلمهم يتحدث المجرم علي عثمان أمام الملأ، وتمت إذاعته في كثير الفضائيات، إنه أعدم في يوم واحد 28 ضابطا، هل هؤلاء يا عادل الباز ليس لهم أسر وليس لهم أبناء، وأنت توجه حديثك للسيدة جيهان عن الضرر الأسري الذي حدث لعصابة الحركة الإسلاموية، هؤلاء الضباط الشهداء لم تتعرف حتي الآن أسرهم على المكان الذي دفنوا فيه ليقرأوا عليهم الفاتحة.
قتل المئات من المتظاهرين منذ بداية حكم المؤتمر اللا وطني المغبور، وحرق القرى في دارفور ونهب مال الشعب السوداني نهارا جهارا.. لعمري أنه الظلم بعينه.
إن ما قامت به لجنة ازالة التمكين سيظل موجعا لكم، لا باسترداد الأموال فقط، وإنما بفضح وتعرية وكشف زيف ما يسمى بالمشروع الإسلاموي، والكل عرف متاجرة قادتكم باسم الدين وجرائمكم، والكيفية تم بها نهب مال الشعب حد الفقر.
ولكنكم تنطبق عليكم الآية الكريمة (وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُۥ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ).
يا عادل الباز تجردت من الأخلاق -إن كانت عندك- حينما خاطبت السيدة جيهان التي ذاقت وما زالت تتجرع مرارة ظلم الكيزان في شقيقها الشهيد،. وزوجها المناضل الذي دخل سجونكم وما زال.
لن تهربوا من العدالة مهما حاولتم، ولن ننسى ما اقترفتموه. وما زلتم تمجدون قادتكم المجرمين المحبوسين المرفهيين في فنادق حليفكم البرهان، وكل الآلام والأحزان التي خلفتوها في أبناء الشعب محفورة في الذاكرة ولن تسقط بالتقادم، وستنتصر جماهير الشعب السوداني لثورتها، وتسترد مالها المنهوب، ويتم تقديم كل من أفسد وسرق وقتل إلى العدالة، التي ستتحقق وإن طال انتظارنا لها، ولن يضيع حق الشهداء والمفقودين.. وحتى المصابين.. وموعدنا العدالة والنصر بإذن الله.